للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حِكَمِهِ الجَلِيْلةِ فأَحَبُّوهُ ومَلَكَتْ قُلُوْبَهُم مَبَادِئُهُ الحَكيِمَةُ فَعَظَّمُوه، وكُلَّما كانَ المرءُ سَلِيْمَ العَقْلِ، نِيّرَ البَصِيْرةِ، مَسْتَقِيمَ الفِكِر، اشْتَدَّ تَعَلُقُه به، لِما فيه مِنْ جمَيْلِ المحاسَن، وجَلِيلِ الفَضَائِلِ، جَاءَ الدِّيْنُ الإسلاميُ بعقَائدِ التوحِيْدِ، التي يَرتاحُ لها العقلُ السلَيمُ وُيقِرُهَا الطبعُ المسُتْقِيمُ، يَدْعوا إِلى اعْتِقَادِ أنَّ لِلْعَالَمِ إِلهًا واحِدًا لا شَريكَ لَه، أَوَّلًا لا ابْتِدَاءَ لَهُ، وآخِرًا لا انْتِهاءَ لَهَ، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ لهُ القُدْرَةُ التَّامَةُ، والإِرَادَةُ المَطلقَةُ، والعِلْمُ المحِيْطُ، يُلْزِمُ الخلقَ الخضوعُ له والانقيادُ، والعَمَلَ على مَرْضَاتِهِ، بامْتَثالِ أمرِهِ سُبْحَانَهُ، واجْتِنَابِ نَهْيهِ نَصَبَ الأدلةَ واِلبَرَاهِيْنَ، في الأنْفُسِ والآفاقِ، وحَثَّ الِعقولَ على النَّظَرِ والاسْتِدَلالِ، لتَصلَ بالبُرْهانِ إلى معْرِفتِهِ وتعْظِيْمِهِ، والقيامِ بحُقوْقَهِ، فَتَراهُ تَارةً يَلْفُتُ نَظَرَكَ إلىَ أنه لا يُمْكَنُ أن تُوْجدَ نَفِسَكَ، ولا أَنْ تُوْحَدَ مِنْ دُوْنِ مُوْجِدٍ ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ أمَا كَوْنُ الإنسانِ مُوْجِدًا لِنَفْسِهِ فهذا أمْرَ ما ادَّعَاهُ الخلقُ، وأما وُجُودُ الإنسانِ هكذا مِنْ غير مِوْجِدٍ، فِأمْرَ يُنْكِرُهُ

<<  <   >  >>