للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦ وَبِهِ قَالَ: أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْقَلَانِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحُنْدُرِيُّ الْمُقْرِئُ الْعَسْقَلَانِيُّ، فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وَثَلَاثُمِائَةٍ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَّانِ بْنِ شَدَّادٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ بِعَسْقَلَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثُمِائَةٍ، نَا أَبُو الدَّرْدَاءِ هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، نَا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ السَّكْسَكِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ تَحِيَّةً، وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ، فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا» .

فَقُمْتُ فَرَكَعْتُهُمَا ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَمْشِي، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ فَمَا الصَّلَاةُ؟ قَالَ: «خَيْرُ مَوْضُوعٍ اسْتُكْثِرَ أَوْ اسْتُقِلَّ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .

قَالَ: فَقُلْتُ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلَهُمْ إِيمَانًا؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَسْلَمُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ» قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقَنُوتِ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرُ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «فَرْضٌ مُجْزِئٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ، وَسِرٌّ بِه إِلَى فَقِيرٍ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هُرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ شَيْءٍ أَعْظَمُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضونَ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ تِلْكَ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ» .

قَالَ: قُلْتُ: فَبِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَكَمِ الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: «مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا» قُلْتُ: فَكَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «ثَلَاثُمِائَةٌ وَثَلَاثَةُ عَشَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ» .

قُلْتُ: فَمَنْ كَانَ أَوَّلُهُمْ؟ قَالَ: «آدَمُ» .

قَالَ: قُلْتُ: آدَمُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ثُمَّ سَوَّاهُ قَبْلًا، يَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ سُرْيَانِيُّونَ آدَمُ وَشِيثُ وَخُنُوعُ، وَهُوَ إِدْرِيسُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ، وَنُوحٌ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَنَبِيُّكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ، وَإِبْرَاهِيُم مِنْ كوُثا رِيا، وَسَائِرُهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَوَّلُ الْأَنْبِيَاءِ آدَمُ وَآخِرُهُمْ أَنَا، وَأَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَآخِرُهُمْ عِيسَى، قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَمْ كِتَابًا أَنْزَلَ اللَّهُ؟ قَالَ: «أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى شِيثَ بْنِ آدَمَ خَمْسِينَ صَحِيفَةً، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى خُنُوعَ وَهُوَ إِدْرِيسُ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرَ صَحَائِفَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى مِنْ قَبْلُ التَّوْرَاةَ عَشْرَ صَحَائِفَ، وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ» قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَا كَانَ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: «كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا كَانَ فِيهَا، أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمَغْرُورُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنِّي لَا أَرُدُّهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ، وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ، سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُفَكِّرُ فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يُحَدِّثُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو بِذِي الْجَلَالِ، وَإِنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ عَوْنٌ عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ، وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاعِنًا إِلَّا فِي ثَلَاثٍ، تَزَوُّدٌ لِمَعَادٍ، وَمَرَمَّةٌ لِمَعَاشٍ، وَلَذَّةٌ فِي غَيْرِ مَحْرَمٍ، وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ، أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ وَمَنْ حَسِبَ الْكَلَامَ مِنْ عَمَلِهِ يُوشِكُ أَنْ يُقِلَّ الْكَلَامَ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ» .

قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَمَا كَانَ فِي صُحُفِ مُوسَى؟ قَالَ: " كَانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا، كَانَ فِيهَا: عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ كَيْفَ هُوَ يَضْحَكُ، وَعَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ كَيْفَ هُوَ يَفْرَحُ، وَعَجَبًا لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا وَهُوَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا، وَعَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ، وَعَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا وَهُوَ لَا يَعْمَلُ ".

قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي هَلْ بَقِيَ مِمَّا كَانَ فِي صُحُفِهِمَا؟ قَالَ: " نَعَمْ يَا أَبَا ذَرٍّ اقْرَأْ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} يَعْنِي إِنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعِ آيَاتٍ فِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَوْصِنِي قَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ كُلِّهِ» .

قَالَ: قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، تَذَكَّرِ اللَّهَ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَذْكُرُكَ فِي السَّمَاءِ» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الْمُؤْمِنِينَ» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ فَإِنَّهَا مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ، وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى دِينِكَ» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ، فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «حِبَّ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «لَا تَأْخُذْكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «صِلْ رَحِمَكَ وَلَوْ قَطَعُوكَ» .

قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: «رَدُّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِكَ، وَكَفَى بِالْعَبْدِ عَيْبًا أَنْ يَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا يَجْهَلُ مِنْ نَفْسِهِ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِيهِ، يَا أَبَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ»

<<  <   >  >>