٨ - وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ أَبُو النّجْحِ، أنبا أَبُو السُّعُودِ الْمُبَارَكُ بْنُ خَيْرُونِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خَيْرُونٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ أنبا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ خَيْرُونٍ، أنبا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أنبا دَعْلَجٌ، أنبا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، بِمَكَّةَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ، حَدَّثَهُمْ قثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " خُلِقَتِ الْكَعْبَةُ قَبْلَ الأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ، قَالَ: كَيْفَ قَبْلُ وَهِيَ مِنَ الأَرْضِ؟ قَالَ: كَانَتْ حَشَفَةً أَوْ حِشْوَةً عَلَى الْمَاءِ عَلَيْهَا مَلَكَانِ يُسَبِّحَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَلْفَيْ سَنَةٍ.
فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَخْلُقَ الأَرْضَ دَحَاهَا مِنْهَا فَجَعَلَهَا فِي وَسَطِ الأَرْضِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعَثَ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ لِيَأْتِيَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ فَلَمَّا هَوَى لِيَأْخُذَهُ، قَالَتْ لَهُ الأَرْضُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ أَنْ لا تَأْخُذَ مِنِّي الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ نَصِيبًا مِنْهُ غَدًا، فَتَرَكَهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ بِمَا أَمَرْتُكَ؟ قَالَ: سَأَلَتْنِي بِكَ فَأَعْظَمْتُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا سَأَلَنِي بِكَ فَأَرْسَلَ آخَرَ، فَقَالَتْ لَهُ: مِثْلَ مَا قَالَتْ لِلأَوَّلِ، ثُمَّ أَرْسَلَ آخَرَ، فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهَا حَتَّى أَرْسَلَهُمْ كُلَّهُمْ، ثُمَّ أَرْسَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَهَوَى لِيَأْخُذَ فَقَالَتْ لَهُ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرْسَلَكَ لا تَأْخُذَ مِنِّي الْيَوْمَ شَيْئًا يَكُونُ لِلنَّارِ نَصِيبًا مِنْهُ غَدًا، قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ: إِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي بِالطَّاعَةِ أَحَقُّ مِنْكِ فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ طَيِّبَهَا وَخَبِيثَهَا فَكَانَتْ قَبْضَتُهُ مِنْ مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ فَأَمَرَهُ فَصَبَّ عَلَيْهِ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ حَتَّى كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ بِيَدِهِ فَمَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ فَقَالَ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ تَرَكَهُ أَرْبَعِينَ لا يَنْفُخُ فِيهِ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ فَجَرَى فِيهِ الرُّوحُ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى صَدْرِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَثِبَ، فَتَلا أَبُو هُرَيْرَةَ، {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: ٣٧] ، فَلَمَّا جَرَى فِيهِ الرُّوحُ جَلَسَ جَالِسًا فَعَطَسَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: رَحِمَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى هَؤُلاءِ الْمَلإِ مِنَ الْمَلائِكَةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالُوا: وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، يَا آدَمُ أَيُّ مَكَانٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُرِيَكَ ذُرِّيَّتَكَ فِيهَا؟ فَقَالَ: بِيَمِينِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ فَبَسَطَ يَمِينَهُ، فَأَرَاهُ فِيهَا ذُرِّيَّتَهُ كُلَّهُمْ، وَمَا هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الصَّحِيحُ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَالْمُبْتَلَى عَلَى هَيْئَتِهِ، وَالأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ عَلَى هَيْئَتِهِمْ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ أَلا عَافَيْتَهُمْ كُلَّهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَشْكُرَ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلا سَاطِعًا نُورُهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، فَقَالَ: كَمْ عُمْرُهُ يَا رَبِّ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً، قَالَ: كَمْ عُمْرِي؟ قَالَ: أَلْفُ سَنَةٍ، قَالَ: انْقُصْ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً فَزِدْهَا فِي عُمْرِهِ، ثُمَّ رَأَى آخَرَ سَاطِعًا نُورُهُ لَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِثْلَ مَا مَعَهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، فَقَالَ آدَمُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يَسْبِقُنِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَلا أَحْسُدُهُ، فَلَمَّا مَضَى لآدَمَ أَلْفُ سَنَةٍ إِلا أَرْبَعِينَ فَجَاءَتْهُ الْمَلائِكَةُ يَتَوَفُّونَهُ عِيَانًا، قَالَ: مَا تُرِيدُونَ؟ ، قَالُوا: أَرَدْنَا أَنْ نَتَوَفَّاكَ، قَالَ: قَدْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَرْبَعُونَ سَنَةً، قَالُوا: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: مَا أَعْطَيْتُ أَحَدًا شَيْئًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: جَحَدَ آدَمَ، وَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسَى وَنَسَتْ ذُرِّيَّتُهُ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute