للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٩ - وَأَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجِّ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُضَمِّنُ الصُّنَّاعَ الَّذِينَ فِي السُّوقِ وَانْتَصَبُوا لِلنَّاسِ مَا دَفَعَ إِلَيْهِمْ.

أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَشُرَيْحٍ الْكِنْدِيِّ مِثْلَهُ.

وَقَالَ يَحْيَى: مَا زَالَ الْخُلَفَاءُ يُضَمِّنُونَ الصُّنَّاعَ

- وَقَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَنِ اسْتُؤْجِرَ مِنْ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ مِثْلَ الْخِيَاطَةِ وَالصِّبَاغَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالْغَسِيلِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِنَ الأَعْمَالِ كُلِّهَا إِذَا دَخَلَهَا فَسَادٌ أَوْ خِلافٌ لأَمْرِ صَاحِبِهِ أَوْ هَلاكٌ؛ أَمَّا مَنِ اسْتُؤْجِرَ مِنْ هَؤُلاءِ عَلَى عَمَلٍ يُسَمَّى بِعَيْنِهِ لَيْسَ لَهُ أَجَلٌ، وَيَذْهَبُ بِهِ الْعَامِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ يَعْمَلُهُ؛ فَإِنَّ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَوْ أَهْلَكَهُ أَوْ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، غُرِّمَ مَا أَفْسَدَ أَوْ أَهْلَكَ أَوْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ.

وَأَمَّا مَنِ اسْتُؤْجِرَ مِنْهُمْ أَيَّامًا مُسَمَّاةً يَعْمَلُ فِي مَنْزِلِ صَاحِبِهِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، فَمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ فَسَادٍ، فَلا غُرْمَ عَلَيْهِ، إِنَّمَا جُهْدُهُ وَعَمَلُ يَدَيْهِ، إِلا أَنْ يَعْتَمِدَ فَسَادَ شَيْءٍ، فَيُضَمَّنُهُ.

- وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا ضُمِّنَ الصُّنَّاعُ مَا دُفِعَ إِلَيْهِمْ مِمَّا يَسْتَعْمِلُونَ عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ إِلَى أَعْمَالِهِمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الاخْتِيَارِ لَهُمْ وَالأَمَانَةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهِمْ لَهَلَكَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ وَضَاعَتْ قِبَلَهُمْ وَاجْتَرَءُوا عَلَى أَخْذِهَا؛ وَإِنْ تَرَكُوهُمْ لَمْ يَجِدُوا مُسْتَعْتَبًا، وَلَمْ يَجِدُوا غَيْرَهُمْ، وَلا أَحَدَ يَعْمَلُ تِلْكَ الأَعْمَالِ غَيْرُهُمْ، فَضُمِّنُوا ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ.

وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْعَامَةِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الأَسْوَاقَ» .

فَلَمَّا رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يُصْلِحُ الْعَامَّةَ أَمَرَ فِيهِ بِذَلِكَ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْغَسَّالِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الثَّوْبُ فَيَخْطُرُ بِهِ إِلَى رَجُلٍ، فَيَلْبَسُهُ الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ؛ قَالَ: لا يُغَرَّمُ الَّذِي لَبِسَهُ شَيْئًا، وَيُغَرَّمُ الْغَسَّالُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ.

وَذَلِكَ أَنَّهُ لَبِسَ الثَّوْبَ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، فَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَوْبَهُ، فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى الْخَيَّاطِ ثَوْبًا يَخِيطُهُ، فَيُصِيبُ بَيْتَ الْخَيَّاطِ حَرِيقٌ، فَيُرَى ثَوْبُ الرَّجُلِ فِيهِ يَحْتَرِقُ؛ قَالَ: عَلَى الْخَيَّاطِ الضَّمَانُ، إِلا أَنْ يَكُونَ سَيْلٌ أَوْ صَاعِقَةٌ.

وَقَالَ فِي الرَّهْنِ مِثْلَهُ.

- وَأَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ يَضْمَنُ الْقَصَّارَ وَالْخَيَّاطَ.

- وَأَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ أَنَّ شُرَيْحًا الْكِنْدِيَّ ضَمَّنَ صَبَّاغًا، احْتَرَقَ بَيْتُهُ، ثَوْبًا دُفِعَ إِلَيْهِ.

- قَالَ مَالِكٌ: يُضَمَّنُ الصُّنَّاعُ مَا دُفِعَ إِلَيْهِمْ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ؛ وَذَلِكَ لأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ أَتَى بِفَصٍّ لَهُ مُرْتَفِعٍ إِلَى صَائِغٍ لِيُصْلِحَ لَهُ فِيهِ شَيْئًا لا ثَمَنَ لَهُ، فَقَالَ: ذَهَبَ مِنِّي؛ غُرِّمَهُ.

- وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: إِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ مَوْضِعَ عَمَلٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْتَمَنٍ، إِنْ كَانَ سَرَّاجًا أَوْ غَسَّالا أَوْ ضَرَّابًا، فَعَلَى سَيِّدِهِ ضَمَانُ مَا أَفْسَدَ، وَأَهْلَكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ.

انْتَهَى حَدِيثُ اللَّيْثِ إِلَى: مَا أَفْسَدَ

- وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ أَنَّ الصَّائِغَ وَالْغَسَّالَ وَالصَّبَّاغَ كُلَّهُمْ يُغَرَّمُونَ مَا دُفِعَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْتِعَةِ النَّاسِ، وَيُغَرَّمُ أَهْلُهُمْ عَنْهُمْ، إِلا أَنْ يُسَلِّمَ رَجُلا عِنْدَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَلا غُرْمَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَهُ.

- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعَبْدِ الصَّبَّاغِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فَيَهْلِكُ؛ قَالَ: ضُمِّنَهُ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبًا إِلَى صَبَّاغٍ يُبَيِّضُهُ، فَصَبَغَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي، فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ؛ وَالْخَيَّاطُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَالصَّائِغُ مِثْلُ ذَلِكَ، إِلا أَنْ يَأْتُوا بِالأَمْرِ الَّذِي لا يَسْتَعْمِلُونَ مِثْلَهُ.

- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَصَّارٍ دُفِعَ إِلَيْهِ ثَوْبٌ فَصَبَغَهُ، فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ: مَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَصْبِغَهُ؛ فَقَالَ: يَحْلِفُ الْقَصَّارُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

قَالَ رَبِيعَةُ: إِنْ أَنْكَرَ الْغَسَّالُ أَنَّهُ شَقَّ الثَّوْبَ أُحْلِفَ، ثُمَّ صُدِّقَ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْخَيَّاطِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الثَّوْبُ يَخِيطُهُ قَمِيصًا، وَيَدَّعِي صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُقَطِّعَهُ قَبًا، وَلا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ الْخَيَّاطُ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَلَهُ أُجْرَةُ قِيمَةِ عَمَلِهِ ذَلِكَ يَوْمَ عَمِلَهُ لأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ مُدَّعٍ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُبْطِلَ عَمَلَهُ بِمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ.

قَالَ: وَالصَّبَّاغُ عَلَى مِثْلِ هَذَا النَّحْوِ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى حَائِكٍ غَزْلا، فَقَالَ: اعْمَلْ لِي مِنْ هَذَا الْغَزْلِ ثَوْبًا ثَمَانٍ فِي خَمْسٍ، فَعَمِلَ لَهُ سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ؛ قَالَ: يَحْلِفُ الْحَائِكُ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا اسْتَعْمَلَهُ إِلا عَلَى مَا ادَّعَى؛ فَإِنْ حَلَفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ضُمِّنَ مَا أَفْسَدَ.

وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَائِكِ وَالْبَنَّاءِ فِي هَذَا لأَنَّ الْحَائِكَ أَوِ الصَّائِغَ أَوِ الْخَيَّاطَ وَأَشْبَاهَهُمْ إِذَا دُفِعَ الْمَتَاعُ إِلَيْهِ فَقَدْ حَازَهُ فَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الثَّوْبِ؛ ثُمَّ جَاءَ غُرَمَاؤُهُ فَقَالُوا: نَأْخُذُ الثَّوْبَ فَتَكُونُ مَعَنَا فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ بِحِيَازَتِهِ إِيَّاهُ وَقَبْضِهِ، فَلَيْسَ يَفْتِكُهُ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ؛ وَإِنَّ الْبَنَّاءَ لَمْ يَحُزْ شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ، فَلِذَلِكَ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى مَنِ اسْتَعْمَلَهُ.

- وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ صَائِغًا حُلِيًّا بِدِينَارٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ جَاءَهُ بِدِينَارٍ، فَقَالَ الصَّائِغُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ لَكَ بِدِينَارَيْنِ؛ قَالَ: يَسْأَلُ عَنْ عَطَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَ الصَّائِغُ شَبِيهًا بِذَلِكَ لا يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ قَالَ بَاطِلا، أُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ أَوْلَى بِالْيَمِينِ، لأَنَّ الْمَتَاعَ بِيَدِهِ وَأَعْطَاهُ حَقَّهُ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حَلَفَ الآخَرُ إِذَا جَاءَ بِأَمْرٍ يُشْبِهُ بَعْضَ ذَلِكَ، مَا لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ.

- وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْمِلُ لَهُ شَيْئًا، فَحَمَلَ لَهُ إِنَاءً أَوْ وِعَاءً فَخَرَّ مِنْهُ الإِنَاءُ أَوِ انْفَلَتَ الْوِعَاءُ، فَذَهَبَ مَا فِيهِ؛ قَالَ: لا أَرَى عَلَيْهِ غُرْمًا إِلا أَنْ يَكُونَ تَعَمَّدَ ذَلِكَ.

- وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي رَجُلٍ حَمَلَ عَلَى دَابَّةٍ لَهُ شَيْئًا بِكِرَاءٍ فَانْقَطَعَ حَبْلٌ مِنْ أَحْبُلِهِ، فَسَقَطَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي حُمِلَ فَانْكَسَرَ، أَوْ رَبَضَتِ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَ أَوْ زَاحَمَتْ شَيْئًا؛ قَالَ: يُضَمَّنُ إِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ غَرَّرَ فِي رِبَاطِهِ أَوْ خَرَقَ بِالدَّابَّةِ حَتَّى زَاحَمَتْ، أَوْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ دَابَّتَهُ كَانَتْ رَبُوضًا؛ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَمْ يُغَرَّمْ.

- وَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: الْحَمَّالُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ بِمَا ضَيَّعَ، مِثْلَ الصُّنَّاعِ.

<<  <   >  >>