الأول: أن تعرف أنّ الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقتلهم ونهب أموالهم، واستحلّ نساءهم، كانوا مقرين لله سبحانه، بتوحيد الربوبية، وهو أنه لا يخلق، ولا يرزق، ولا يحيي، ولا يميت، ولا يدبّر الأمور إلاّ الله وحده، كما قال الله تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}[يونس: ٣١]
وهذه مسألة عظيمة مهمة، وهي أن تعرف أنّ الكفار شاهدون بهذا كله ومقرّون به ومع ذلك لم يدخلهم ذلك في الإسلام ولم يحرم دماءهم ولا أموالهم، وكانوا أيضا يتصدّقون ويحجون ويعتمرون ويتعبّدون ويتركون أشياء من المحرمات خوفا من الله عزّ وجل، ولكن الأمر الثاني هو الذي كفّرهم وأحلّ دماءهم وأموالهم، وهو أنهم لم يشهدوا لله بتوحيد الألوهية، وهو أنه لا يُدعى ولا يُرجى إلاّ الله وحده لا شريك له ولا يُستغاث بغيره ولا يُذبح لغيره ولا يُنذر لغيره، لا لملَك مقرّب ولا نبي مرسل، فمن استغاث بغيره فقد كفر، ومن ذبح لغيره فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر وأشباه ذلك.