وكانت لهم رؤيتهم الخاصة، وهم يتعاملون مع هذا الفكر، حسبما تقتضيه طبيعة علومهم، وبيئتهم، ظلوا على ذلك حتى ظهر عصر النهضة.
هذا عن موقف العرب من المناهج، وهو موقف مشرف، إن دل فإنما يدل على صحة فكرهم، وعبقريتهم في ذلك المجال، بدليل تلك الإضافات والنهضة العلمية الرائعة، التي لا زلنا إلى الآن ننبهر، ونحن نتعمق فيها.
أما الغرب فإنهم بدأوا يتعرفون على العلوم العربية، عرفنا الآن ما قدمه العرب نتيجة استخدامهم لهذا المنطق، وتوظيفهم له، وإضافتهم إليه، الغرب تعرف على العلوم العربية ومؤلفاتهم وتأملوها بدقة، وقفوا أمام تجاربهم، تأملوا ما نادى به العلماء والمفكرون العرب، من العناية بالاستقراء الكامل، والملاحظة والتجربة.
استوعب الغربيون كل ذلك الفكر العربي استيعابًا جيدًا، وبدأ بعض الفلاسفة الغربيين يهاجم منطق أرسطو، والسر في ذلك هو الفهم العميق، لما قدمه العرب، فالفكر العربي هو الشرارة، التي انطلق منها البحث العلمي، أو المناهج البحثية عند الغرب، استوعب الغربيون الفكر العربي استيعابًا جيدًا، وبدأ بعض الفلاسفة الغربيين، يهاجموا منطق أرسطو.
فرأينا الفيلسوف الإنجليزي روجر بيكون، الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي، رأيناه يهاجم المنطق الأرسطي، وما يفضي إليه من اعتماد العلم على الطريقة القياسية فحسب، لم يعجبه هذا، وقال: إنه ينبغي أن يعتمد على التجربة قبل كل شيء، وهذا ليس بجديد، وإنما فعله العرب من قبله، وهاجم أتباع أرسطو روجر بيكون، لم يعجبهم رأيه، هاجموه مهاجمة عنيفة حينذاك.