للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالنفوس المطبوعة على المداراة نفوس أدركت أن الناس خلقوا ليكونوا في الائتلاف كجسد واحد. وشأن الأعضاء السليمة أن تكون ملتئمة متماسكة على قدر ما فيها من حياة، ولا يقطع العضو المركب في الجسد إلا أن يصاب بعلة يعجز الطب عن علاجه إلا بالبتر.

فالمداراة يقصد بها جمع الناس على الرضا والتآلف في حدود ما ينبغي أن يكون. وهي لا تمنع قضاء بالعدل ولا تحجب نصيحة بالرفق، وينبغي أن يعلم أن لذكاء الرجل وحكمته مدخلا عريضا في فقه المداراة وحسن استخدامها وطريقة الإفادة منها.

وقد يكون للتنوع في طبقات الناس تنوع في مداراتهم، فمداراة المنحرف عن الحق لسوء فهم أو خطأ في ظن، أكبر من مداراة من يحارب الحق والفضيلة إن صادفك واقتضى الحال مداراته.

ومداراة من يرجى رشده وصلاحه أكبر من مداراة

<<  <   >  >>