تحقيقات بديعة، وتحريرات مفيدة، ودراسات كاشفة عن جملة من الأمور التي تهم الباحثين فيما يتعلق بالجوانب التي تناولها. واعتنى الباحث - وفقه الله - ببيان حقيقة ما وصفت به الدعوة من نعوت سيئة، وما ألصق بها من تهم باطلة، وما بهت به الشيخ من جهة خصومه الذين اتهموه زورا وبهتانا لما أرادوا به تشويه صورته، والتنفير من دعوته وصد الناس عنها. ولم يكن الشيخ في هذا الجانب بدعا من سابقيه من أئمة الهدى والعلم، وقبلهم أسوة الجميع وقدوتهم نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد لقي من أذى المشركين وكفار أهل الكتاب أنواعا، حيث أطلق عليه - عليه الصلاة والسلام - عدد من الأوصاف القادحة في رسالته. وهذه سنة الله التي مضت بابتلاء أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام، وأتباعهم من المؤمنين وأئمة الهدى، وهو ابتلاء يتحقق بسببه عدد من الحكم والمنافع، منها: رفع درجات أهله، وتمحيصهم، وتبليغهم منازل لم يكونوا ليبلغوها لمجرد أعمالهم.
إن دعوة الشيخ - يرحمه الله - إنما هي في حقيقتها تجديد لما اندرس من معالم النبوة وإحياء لسنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر يعرفه المنصفون حتى من المخالفين، غير أن الناظر فيما كتبه أكثر المستشرقين يرى أنهم في الجملة امتطوا مركب الاعتساف، وجنحوا إلى الإجحاف، إما بسبب سوء القصد، وإما بسبب عدم التقصي وضعف التحقيق. وقد كانت لهذه الكتابات التي لم يلتزم فيها التجرد والإنصاف آثار سيئة ونتائج مذمومة