فَالْوَاجِبُ فِي الْمَغْنَمِ تَخْمِيسُهُ، وَصَرْفُ الْخُمُسِ إلَى من ذكره الله تعالى؛ وقسمة الأخماس الباقية بَيْنَ الْغَانِمِينَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ. وَهُمْ الذين شهدوها للقتال، قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا. وَيَجِبُ قَسْمُهَا بَيْنَهُمْ بالعدل، فلا يحابى أحد، لَا لِرِيَاسَتِهِ، وَلَا لِنَسَبِهِ، وَلَا لِفَضْلِهِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاؤُهُ يَقْسِمُونَهَا. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَأَى لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟» . وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ «عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الرَّجُلُ يَكُونُ حَامِيَةَ الْقَوْمِ، يَكُونُ سَهْمُهُ وَسَهْمُ غَيْرِهِ سَوَاءً؟ قَالَ: " ثَكِلَتْك أُمُّك ابْنَ أُمِّ سَعْدٍ؛ وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟» . وَمَا زالت الغنائم تقسم بين الغانمين في دولة بني أمية، ودولة بني الْعَبَّاسِ، لَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَغْزُونَ الرُّومَ وَالتُّرْكَ وَالْبَرْبَرَ؛ لَكِنْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ زِيَادَةُ نِكَايَةٍ: كَسَرِيَّةٍ تَسَرَّتْ مِنْ الْجَيْشِ، أَوْ رَجُلٍ صَعِدَ حِصْنًا عَالِيًا فَفَتَحَهُ، أَوْ حَمَلَ عَلَى مُقَدَّمِ الْعَدُوِّ فَقَتَلَهُ، فَهُزِمَ الْعَدُوُّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ كَانُوا يُنَفِّلُونَ لِذَلِكَ. وَكَانَ يُنَفِّلُ السَّرِيَّةَ فِي الْبِدَايَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وفي الرجعة الثلث بعد الخمس. وهذا النفل؛ قال العلماء: إنه يكون من الْخُمُسِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يَكُونُ مِنْ خُمُسِ الخمس؛ لئلا يفضل بعض الغانمين عَلَى بَعْضٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْضِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بعض لمصلحة دينية؛ لا لهوى النفس، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الشَّامِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute