للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قِيلَ: إنَّهُ يُنَفِّلُ الرُّبُعَ وَالثُّلُثَ بِشَرْطٍ وَغَيْرِ شرط، وينفل الزيادة على ذلك بالشرط، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى قَلْعَةٍ فله كذا، أو من جاءني بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: لَا يُنَفِّلُ زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثِ، وَلَا يُنَفِّلُهُ إلَّا بالشرط، وهذان قولان لأحمد وَغَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ -عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ- لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ؛ كَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ. إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً رَاجِحَةً عَلَى الْمَفْسَدَةِ. وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَجْمَعُ الْغَنَائِمَ وَيَقْسِمُهَا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَغُلَّ مِنْهَا شَيْئًا {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١] (سورة آل عمران من الآية ١٦١) فَإِنَّ الْغُلُولَ خِيَانَةٌ. وَلَا تَجُوزُ النُّهْبَةُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا. فَإِذَا تَرَكَ الْإِمَامُ الْجَمْعَ وَالْقِسْمَةَ، وَأَذِنَ فِي الْأَخْذِ إذْنًا جَائِزًا: فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا بِلَا عُدْوَانٍ، حَلَّ لَهُ بَعْدَ تَخْمِيسِهِ، وَكُلُّ مَا دَلَّ عَلَى الْإِذْنِ فَهُوَ إذْنٌ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ إذْنًا غَيْرَ جَائِزٍ: جَازَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ مَا يُصِيبُهُ بِالْقِسْمَةِ، مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ فِي ذَلِكَ. وَمَنْ حَرَّمَ على المسلمين جمع الغنائم، والحال هذه، وأباح للإمام أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَشَاءُ: فَقَدْ تَقَابَلَ الْقَوْلَانِ تَقَابُلَ الطَّرَفَيْنِ، وَدِينُ اللَّهِ وَسَطٌ. وَالْعَدْلُ فِي الْقِسْمَةِ: أَنْ يُقْسَمَ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ذي الفرس العربي ثلاثة أسهم: سهم لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، هَكَذَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ. وَمِنْ الْفُقَهَاءِ من يقول: للفارس سهمان، والأول هو الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ، وَلِأَنَّ الْفَرَسَ يحتاج إلى مئونة نفسه وسائسه -منفعة الْفَارِسِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ رَاجِلِينَ- وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُسَوِّي بَيْنَ الْفَرَسِ الْعَرَبِيِّ وَالْهَجِينِ فِي هَذَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ الْهَجِينُ يُسْهَمُ لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ، كَمَا رُوِيَ عَنْ

<<  <   >  >>