بلغت؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ ثَلَاثًا» . وَكَذَلِكَ مُحَابَاةُ الْوُلَاةِ فِي الْمُعَامَلَةِ مِنْ الْمُبَايَعَةِ، والمؤاجرة والمضاربة، والمساقاة والمزارعة ونحو ذلك، هو من نوع الهدية؛ وَلِهَذَا شَاطَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنْ عُمَّالِهِ مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَدِينٌ، لَا يُتَّهَمُ بِخِيَانَةٍ، وَإِنَّمَا شَاطَرَهُمْ لَمَّا كَانُوا خُصُّوا بِهِ لِأَجْلِ الْوِلَايَةِ مِنْ مُحَابَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ الْأَمْرُ يَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ إمَامَ عَدْلٍ، يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ. فَلَمَّا تَغَيَّرَ الْإِمَامُ وَالرَّعِيَّةُ، كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ أَنْ يَفْعَلَ مِنْ الْوَاجِبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَتْرُكَ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ. وَقَدْ يُبْتَلَى النَّاسُ مِنْ الولاة بمن يمتنع من الهدية وَنَحْوِهَا؛ لِيَتَمَكَّنَ بِذَلِكَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَظَالِمِ مِنْهُمْ، وَيَتْرُكَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ فَيَكُونَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ عِوَضًا عَلَى كَفِّ ظُلْمٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ مُبَاحَةٍ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ هَذَا؛ فَإِنَّ الْأَوَّلَ قَدْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، وَأَخْسَرُ النَّاسِ صَفْقَةً مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ؛ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ كَفُّ الظُّلْمِ عَنْهُمْ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ، وَقَضَاءُ حَوَائِجِهِمْ الَّتِي لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إلَّا بِهَا: مِنْ تَبْلِيغِ ذِي السُّلْطَانِ حَاجَاتِهِمْ، وَتَعْرِيفِهِ بِأُمُورِهِمْ، وَدَلَالَتِهِ عَلَى مَصَالِحِهِمْ، وَصَرْفِهِ عَنْ مَفَاسِدِهِمْ؛ بِأَنْوَاعِ الطُّرُقِ اللَّطِيفَةِ وَغَيْرِ اللَّطِيفَةِ، كَمَا يَفْعَلُ ذَوُو الْأَغْرَاضِ مِنْ الْكُتَّابِ وَنَحْوِهِمْ فِي أَغْرَاضِهِمْ. فَفِي حَدِيثِ هِنْدَ بْنِ أَبِي هَالَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «أَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إبْلَاغَهَا؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ ذَا سُلْطَانٍ حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إبْلَاغَهَا: ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ عَلَى الصِّرَاطِ يوم تزل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute