للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

-رضي الله عَنْهُمْ- وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَالَحَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ وَالسِّلَاحِ، سَأَلَ بَعْضُ الْيَهُودِ -وَهُوَ سَعْيَةُ عَمُّ حُيي بْنِ أَخْطَبَ - عَنْ كَنْزِ مَالِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ. فَقَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ. فَقَالَ: " الْعَهْدُ قَرِيبٌ، وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ " فَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْيَةَ إلى الزبير، فمسه بِعَذَابٍ، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خربة ههنا، فَذَهَبُوا فَطَافُوا، فَوَجَدُوا الْمِسْكَ فِي الْخِرْبَةِ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ ذِمِّيًّا، وَالذِّمِّيُّ لَا تَحِلُّ عُقُوبَتُهُ إلَّا بِحَقٍّ؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَتَمَ مَا يَجِبُ إظْهَارُهُ مِنْ دَلَالَةٍ وَاجِبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، يعاقب على ترك الواجب. وما أخذه العمال وَغَيْرُهُمْ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ الْعَادِلِ اسْتِخْرَاجُهُ مِنْهُمْ؛ كَالْهَدَايَا الَّتِي يَأْخُذُونَهَا بِسَبَبِ الْعَمَلِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ. وَرَوَى إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ -فِي كِتَابِ الْهَدَايَا -عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ، عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا بَالُ الرَّجُلِ نَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانَا اللَّهُ؛ فَيَقُولُ: هَذَا لكم، وهذا أهدي إلي؟ فهلا جلست فِي بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ. فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا، إلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ؛ إنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رأينا عفرتي إبطيه؛ ثم قال: اللهم هل

<<  <   >  >>