خامسًا: رفع الأصوات في المساجد: وذلك لأن المساجد أماكن الطاعة والعبادة، وفيها يقبل العبد على صلاته وأوراده، ويحضر قلبه، ويخشع لربه، فمتى سمع الأصوات المزعجة انشغل قلبه، وغفل عن ذكر الله تعالى، وتشوش عليه فكره، وتشتت عليه ذهنه، فلا جرم لزم احترام المساجد، ولو كانت خالية من المصلّين والتالين، لحرمة الملائكة وأماكن للعبادة.
وقد روى البخاري عن السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب أمره أن يأتيه برجلين في المسجد، فقال: من أين أنتما؟ فقالا: من الطائف. فقال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) . فالظاهر أنهما يتكلمان كلامًا عاديًا يسمعه عمر رضي الله عنه وهو في جانب المسجد، فزجرهما عن رفع الصوت مطلقًا، وليس خاصًا بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر الواقع منهما. وقد روى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال
(١) هكذا هو في البخاري برقم ٤٧٠ موقوفا على عمر، وذكر الحافظ عن نافع عند عبد الرزاق أنهما من ثقيف من أهل الطائف.