للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويدل على ذلك من الشرع المطهر أدلة كثيرة منها ما تقدم وهو المقصود من الخطبة نفع المخاطبين وتذكيرهم بحق الله ودعوتهم إليه وتحذيرهم مما نهى الله عنه ولا يحصل ذلك إلا بلغتهم ومنها أن الله سبحانه وتعالى إنما أرسل الرسل - عليهم السلام - بألسنة قومهم ليفهموهم مراد الله سبحانه بلغاتهم كما قال عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤] وقال عز وجل {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: ١] وكيف يمكن إخراجهم به من الظلمات وهم لا يعرفون مراد الله منه، فعلم أنه لا بد من ترجمة تبين المراد وتوضح لهم حق الله سبحانه إذا لم يتيسر لهم تعلم لغته والعناية بها، ومن ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود ليكاتبهم بها ويقيم عليهم الحجة، كما يقرأ كتبهم إذا وردت ويوضح للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرادهم. ومن ذلك أن الصحابة - رضي الله عنهم - لما غزوا بلاد العجم من فارس والروم لم يقاتلوهم حتى دعوهم إلى الإسلام بواسطة المترجمين، ولما فتحوا البلاد العجمية دعوا الناس إلى الله سبحانه وتعالى باللغة العربية وأمروا الناس بتعلمها ومن جهلها منهم دعوه بلغته وأفهموه المراد باللغة التي يفهمها فقامت بذلك الحجة وانقطعت المعذرة، ولا شك أن هذا السبيل لا بد منه ولا سيما في آخر

<<  <   >  >>