للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا الكلام مفيد لأن مضاء السيف بمضاء حامله وفي حملته الماضي وضدّه والمتنبي يذكر أن الأكف التي لا بد من حملها الرماح لولاها لم ينفع الرماح وهذا غير مجهول فائدته قليلة ولا فرق بين كلام أبي الطيب وبين من يقول: لولا عيناك ما نظرت، ولولا لسانك ما نطقت وما أشبه هذا بالهذيان الذي لا يفيد، وقد أتى البحتري ببيت يقرب من الأول:

فلا تُغلبن بالسيف كل غِلاته ... ليمضي فإِنَّ القلب لا السيف يقطعُ

ولعل محتجاً أن يقول فلا فرق بين قول أبي الطيب وبين قوله في قلة الفائدة قلنا ليس كذلك لأن السيف يضرب به كف الجبان فلا يقطع وهو ماض فكأنه هاهنا يقصد كف الشجاع وجودة الضرب لأن القطع للسيف إذا تبعته كف مجيدة للضرب فإذا لم يقطع فلعله يخالف كفّه فلم يخرج عن معناه في البيت الأول وكلا القولين مفيد.

وقال المتنبي:

إذا ورمت من لسعةٍ مرحَتْ لها ... كأنَّ نوالاً صرّ في جلدها النبرُ

النبّر: دويبة تلسع فيرم موضع لسعها.

وقال المتنبي:

أزالت بك الأيامُ عتبى كأنَّما ... بنوها لها ذنبٌ، وأنت لها عذرُ

<<  <   >  >>