للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأبو الطيب خبرنا أنّه ترك ذباب السيف قطعاً قبل إخبارنا أنه ترك العباد جذاذاً وإن كانت الواو لا توجب ترتيباً فيجيء التقسيم في موضعه أحسن، وأما أبو تمام فرتب بثم ومبنى البعيث وأبي تمام أحسن من مبناه وزاد على معناهما معناه، فهما السابقان فهما أحق بما قالا.

وقال المتنبي:

غادرتَ أوجههُمْ بحيث نقيتهم ... أقفاء هُمْ وكبودهُم أفلاذا

يحتمل أن يكون إرادتك قطعتهم بالسيف حتى ما تعرف وجوههم من أقفائهم وغادرت كبودهم أفلاذاً، والفلذة: القطعة ولو أستعمل الكاف التي للتشبيه فأمكنه أن يقول:) كأقفائهم (كان أحسن من تحقيقه أن الوجوه صارت أقفاء ويمكن أن يريد أنهم يولون عند لقائه أقفاءهم فيصير النصفان لا يتناسبان إلا أن يريد أن الغيظ منه أو الخوف قطع قلوبهم فأما المولى فلا وصول إلى قلبه.

وقال المتنبي:

في موقفٍ وقف الحمام عليهمُ ... في ضنكهِ واستحوذ استحواذا

فحشى بالصدر كلامه لضيق القافية عليه، والمعنى لأبي تمام في قوله:

في موقفٍ وقف الزؤام به ... فالموت يوجدُ والأرواحُ تفتقدُ

وقد أقام أبو تمام في وجود الموت وعدم الأرواح مطابقة مليحة تفيد ما لا يفيد صدر أبي الطيب فرجح كلامه واستحقه.

وقال المتنبي:

<<  <   >  >>