للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جمدت نفوسهم فلما جئتها ... أجريتها وسقيتُها الفُولاذا

قد أركبته هذه القافية كل تعجرف وتكلف ذكر جمود نفوسهم ولم يذكر علّة الجمود وقال:) سقيتها الفولاذا (والفولاذ ليس مما تسقاه النفوس لأن السقي لا يصلح إلا لمائع بل الفولاذ يعبر عنه بالسقي إذا حد بالماء على المسن وقال أبو الشيص:

بطلُ يعمل السيوف ويسقي ... حدّها من جماجمِ الأبطالِ

فجعل السيوف مسقية من جماجمهم ولم يجعل النفوس مسقية الفولاذ الذي ليس بمائع فكلامه أصح وأرجح.

وقال المتنبي:

لما رأوك رأوا أبك محمّداً ... في جَوْشن وأخا أبيك مُعاذا

هبه أراد لمّا رأوك رأوا تشبهك بأبيك وأخيه وصورتهما في شمائلك فما معنى في جوشن كأنّه لا يشبه أباه وأخا أبيه إلا في جوشن فإذا زال الجوشن زال الشبه هذا الحشو الفارغ وكم بين استدلاله على تقارب الأشباه وبين قوله:

يا بن من كلّما بدوت بدا لي ... غائب الشّخص حاضرُ الأخلاقِ

لو تنكرت في المكرّ لقومٍ ... حلفوا أنّك أبنه بالطّلاقِ

وقال المتنبي:

غرّ طلعت عليه طلعة عارض ... مطرُ المنايا وابلاً ورذاذا

فجعل العارض يمطر المنايا وابلاً ورذاذاً وقال أبو الشيص:

وخميس تلقه في خميسٍ ... في سُحاب من الردى هطّال

<<  <   >  >>