للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكلا البيتين يفيد معنى فلا يتوهم أن أبا الطيب أوجز لفظاً لأن مسلماً شبه الليل تشبيهاً مليحاً في البيت الأول وجاء في البيت الثاني بتخليه عن غرة الممدوح عند ذكر أبيه وقال أبو الطيب كأنّما جلت السمالق لنا محيّاك فاهتدينا به فزاد مسلم في كلامه ما هو من تمامه فرجح بذلك وصار أحق بشعره ومعناه موجود في قول ابن مناذر:

لمّا رأينا هارونَ صار لنا ال ... لّيلُ نهاراً بوجه هارُونا

وقال أبو المعتصم:

كم يجر في ليلةٍ أحدٌ ... وابن إبراهيم كَوكبُهُ

وقال أيضاً:

ولم يقطع البيداء في الليلِ غضبه ... بأنضائها إلاّ وأنت شهابُها

وكلّهم بالغ في مدحه وحقق خبره وأبو الطيب قال: كان فصار كلامهم أبلغ من كلامه فرجحوا عليه فهم أحق بما سبقوا إليه.

وقال المتنبي:

فما زال لولا نُور وجهكِ جُنحهُ ... ولا جابها الرّكبانُ لولا الأيانقُ

وإذا كان نور وجهه يهتدى به والأيانق بها تقطع المسافة النائية فقد أخبرنا بخبر غير مفيد لأن المظلم لا يزول إلا بمنير هو وجهه والبعيد لا يقطع إلا بصبور من الإبل.

وقال المتنبي:

شدوا بابن إسحاقَ الحُسين فصافحتْ ... ذَفاريها كيرانُها والنمّارِقُ

<<  <   >  >>