للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى عن رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم-: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: ١٢٨)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الدينُ النصيحةُ)) فجعل محور الدين النصيحة لا الفضيحة؛ فإن للنصيحة أسلوبها؛ وللفضيحة طريقها، وشَتّان بين الطريقين أسلوبًا وأثرًا.

ومن الخطأ الواضح ما يفعله بعض الدعاة من تتبع عثرات المسلمين، وكشف عوراتهم، بدعوى ظاهرها زين وباطنها شين، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((يا معشر مَن آمَنَ بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومَن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)).

بلى على العكس من ذلك أمر الإسلام بستر المسلمين، وفي الحديث قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة))، ولذلك كان من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أحس من أحد خطأً، قام بواجب النصح في الأمر مع ستر عين الفاعل؛ فكان يقول على المنبر: ((ما بال أقوام يقولون كذا)((ما بال أقوامًا يفعلون كذا)). فبهذا يؤدي واجب النصح ويؤدي في الوقت نفسه واجب الستر، وهي موازنة يجب أن يراعيها الدعاة إلى الله -عز وجل-.

فمِنَ الخَطأ تَسميةُ النّاسِ بأسمائهم في الأسلوب الدعوي على اختلاف أنواعه؛ فعل فعلان، وقال فلان، لا فَرْق في ذلك بين كبير القوم وصغيرهم، وأعلاهم وأدناهم، وكم لهذا الأسلوب من مساوئ، وكم حال هذا الأسلوب بين الداعية وبين جمهوره، وكم حال هذا الأسلوب السيئ القبيح المخالف للهدي النبوي الغير المنضبط بالقواعد الدعوية، كم جر هذا الأسلوب على الداعية نفسه من ويلات ونكبات.

<<  <   >  >>