للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي مقام التمثيل: انظر إلى أمثال القرآن الكريم، ما أروعها في المقصود! وما أيسرها في الفهم! وما أوقعها في النفس! وما أسهلها في التعبير! وما أنسبها لجميع الخلق ذكورهم وإناثهم عربهم وعجمهم، بدوهم وحضريهم، وهَكذا كان القُرآن الكَريم في بيانه سهل الأسلوب، واضح الطّرح، واقعي التمثيل؛ يتناسب والناس جميعًا على اختلاف ثقافتهم وأجناسهم.

كذلك كانَ أُسلوب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة إلى الله -عز وجل- وما يُقال في هذا الباب عن القرآن الكريم، يُقال عن النبي الأمين -صلى الله عليه وسلم- فهو سيّدُ البُلَغاء، وأفضل مَن نطق بالضاد، يتكلم بأسلوب يفهمه طبقات الناس جميعًا؛ حتى بعد أربعة عشر قرنًا فمَن ذا الذي لا يفهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)) من ذا الذي لا يعي قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((المسلم أخو المسلم لا يَظْلِمُه ولا يَحْقِرُه)((كُلُّ المسلم على المسلم حرام)((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)). وإنّمَا أوتي المسلمون من بُعدهم عن لغتهم العربية.

وكان من أسلوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا تكلم الكلمة أعادها ثلاثًا؛ لتُفهم عنه، وكان يفصِّل في كلامه، ويتأنَّى في إلقائه. عن عائشة -رضي الله عنها-: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحدث حديثًا لو عده العاد لأحصاه)).

وكان -صلى الله عليه وسلم- يضرب لأصحابه الأمثلة الجميلة من واقعهم، فيفهمونها ويدركون مدلولها؛ فضرب لهم مثلًا عن المؤمن بالسنبلة تستقيم مرة وتخيب مرة؛ وقال -صلى الله عليه وسلم: ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك ونافخ الكير)) وقال -صلى الله عليه وسلم: ((مثل المُنَافِق مَثَلُ الشّاة العائِرة بين الغنمين)) فمن من الصحابة ومِنّا نحنُ بعد ألف وأربعمائة سنة لا يعرف السُّنبلة ولا يعرف بائع المسك ولا يعرف الغنم.

<<  <   >  >>