للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر -أيها الداعية- إلى عِظم هذه الأفعال التي فعلها هؤلاء المخطئون، وما يفعله المنافقون من الصلاة بغير طهور، ومن تركهم الجهاد واقترافهم لبعض الذنوب؛ فضلًا عن أذية بعضهم للرسول -صلى الله عليه وسلم- ومع هذا كله لم يذكر أسماءهم ولم يحذر من أعيانهم. ولكنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحكم على الأعمال ويصححها.

فمن هذا وغيره تستنبط القاعدة "نصحح ولا نجرح"، "ننصح ولا نفضح" فهل من مُدّكر!

أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يهدينا وجميع إخواننا الدعاة سواء السبيل.

فعلى هذا لا يجوز ذكر الأسماء بالسوء في المجالس العامة؛ فضلًا عن ذكرها على عامة الناس إنما كان منهم في الضرورة القصوى، كدفع مفسدة جلية أو جلب مصلحة كبيرة، وهذا الكلام عام يشمل العامة والخاصة الكبراء والأصاغر، فما بال أقوام لا يتورعون عن ذكر كبرائهم وأمرائهم على منابرهم بالاسم الصريح، ولا يسكتون عن ذكر مثالبهم ومساويهم، بل يُشهرون بهم كلما قاموا وكلما قعدوا، كم أجلب هذا الأسلوب على الدعاة من شر وحال بينهم وبين الدعوة إلى الله -عز وجل-.

ومنه يُدْرِكُ المُسلم الواعي خطأ هذا الأسلوب خطر ذكر الأسماء على المنابر، والتشهير بهم في المجالس ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي الوقت الذي نجد فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يسمي الذين يخطئون، نجده -صلى الله عليه وسلم- يسمي أهل الفضل والعلم على الملأ عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمرهم، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وأفرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)).

وحديث العشرة المبشرين بالجنة حديث مشهور؛ فعن سعيد بن زيد قال: أشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني سمعته وهو يقول: ((عشرة في الجنة: النبي في الجنة،

<<  <   >  >>