للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الخطباء من يبتدئ خطبته بذكر كلام خصومه، ودلائلهم والدوافع التي دفعتهم إلى رأيهم ثم يعقب بالنقض كما يكون في الخطب السياسية، وخطب الخصوم في مجالس القضاء ومحال الخلاف، ومن الخطباء من يفاجأ السامعين في مفتتح كلامه بما يزعجهم كما كان يفعل حجاج في ابتداء خطبه.

ومن الخطباء من يفتتح خطبته ببيان أنه من الجماعة التي يخاطبها، وأنه في مستواها ليقربها إليه، ويكون لكلامه فضل تأثير فيها، ومن الخطباء من يفتتح خطبته بإحياء آراء قديمة للجماعة ليبني عليها ما يدعوه إليه من جديد كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أنذر عشيرته الأقربين حيث سألهم عن صدق حديثه فقال: ((أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي)) فقالوا: نعم ما جربنا عليك كذبًا، فألقى عليه الصلاة والسلام خطبته.

وقد يحيى الخطيب بافتتاحه كلامًا قد قاله؛ ليربط ما بين ما قاله أولًا، وما يقوله الآن فيكون ذلك إيناسًا للمعلومات وتوثيقًا لها، وقد يبتدئ الخطيب خطبته بالثناء على السامعين ليهيئ نفوسهم لتلقى كلامه بالقبول؛ إذ لا شيء يهز أعطاف السامعين كالثناء عليهم، وذلك باب واسع يصح الدخول فيه بشرط الاتزان وضبط النفس.

والخطب الدينية يستحسن فيها أن تبدأ بالحمد لله، وببعض الأحاديث النبوية الشريفة أو الآيات القرآنية التي تناسب المقام الديني الذي يتكلم فيه، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستفتح خطبته في كل المناسبات بما عرف بخطبة الحاجة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: ((علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبة الحاجة: إن الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل

<<  <   >  >>