للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حيث ولوا (١) الكافرين، واتخذوهم بطانة، فالتبست عليهم الأمور بسبب ذلك، حتى صاروا لا يميزون بين الحق والباطل ولا بين الهدى والضلال، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فحصل بذلك من الفساد والأضرار ما لا يحصيه إلا الله سبحانه.

وقد احتج بعض دعاة القومية على جواز موالاة النصارى والاستعانة بهم بقوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: ٨٢] الآية، وزعموا أنها ترشد إلى جواز موالاة النصارى لكونهم أقرب مودة للذين آمنوا من غيرهم، وهذا خطأ ظاهر وتأويل للقرآن بالرأي المجرد، المصادم للآيات المحكمات المتقدم ذكرها وغيرها، ولما ثبت في السنة المطهرة من التحذير من موالاة الكفار من أهل الكتاب وغيرهم وترك الاستعانة بهم، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» والواجب: أن تفسر الآيات بعضها ببعض، ولا يجوز أن يفسر شيء منها بما يخالف بقيتها، وليس في هذه الآية بحمد الله ما يخالف الآيات الدالة على تحريم موالاة الكفار من النصارى وغيرهم، وإنما أتي هذا الداعية من سوء فهمه وتقصيره في تدبر الآيات، والنظر في معناها


(١) كذا في الأصل ولعل الصواب والوا لأن السياق يقتضي ذلك. أهـ مصحح.

<<  <   >  >>