والاستعانة على ذلك بكلام أهل التفسير المعروفين بالعلم والأمانة والإمامة، ومعنى هذه الآية على ما قال أهل التفسير، وعلى ما يظهر من صريح لفظها أن النصارى أقرب مودة للمؤمنين من اليهود والمشركين، وليس معناها أنهم يوادون المؤمنين، ولا أن المؤمنين يوادونهم، ولو فرض أن النصارى أحبوا المؤمنين، وأظهروا مودتهم لهم لم يجز لأهل الإيمان أن يوادوهم ويوالوهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد نهاهم عن ذلك في الآيات السالفات ومنها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}[المائدة: ٥١] الآية. وقوله تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة: ٢٢] الآية، ولا ريب أن النصارى من المحادين لله ولرسوله، النابذين لشريعته، المكذبين له ولرسوله عليه أفضل الصلاة والسلام. فكيف يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يوادوهم أو يتخذهم بطانة؟ نعوذ بالله من الخذلان وطاعة الهوى والشيطان.
وزعم آخر من دعاة القومية أن الله سبحانه قد سهل في موالاة الكفار الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا، واحتج على ذلك بقوله تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة: ٨] وهذا كالذي قبله