ومن زعم من دعاة القومية أن الدين من عناصرها فقد فرض أخطاء على القوميين وقال عليهم ما لم يقولوا؛ لأن الدين يخالف أسسهم التي بنوا القومية عليها، ويخالف صريح كلامهم ويباين ما يقصدونه من تكتيل العرب على اختلاف أديانهم تحت راية القومية. . ولهذا تجد من يجعل الدين من عناصر القومية يتناقض في كلامه، فيثبته تارة وينفيه أخرى، وما ذلك إلا أنه لم يقله عن عقيدة وإيمان، وإنما قاله مجاملة لأهل الإسلام، أو عن جهل بحقيقة القومية وهدفها. وهكذا قول من قال: إنها تخدم الإسلام أو تسانده، وكل ذلك بعيد عن الحقيقة والواقع، وإنما الحقيقة أنها تنافس الإسلام وتحاربه في عقر داره، وتطلي ببعض خصائصه ترويجا لها وتلبيسا أو جهلا وتقليدا.
ولو كانت الدعوة إلى القومية يراد منها نصر الإسلام وحماية شعائره لكرس القوميون جهدهم في الدعوة إليه ومناصرته وتحكيم دستوره النازل من فوق سبع سماوات، ولبادروا إلى التخلق بأخلاقه، والعمل بما يدعو إليه، وابتعدوا عن كل ما يخالفه؛ لأنه الأصل الأصيل والهدف الأعظم، ولأنه السبيل الذي من سار عليه واستقام عليه وصل إلى شاطئ السلامة وفاز بالجنة والكرامة، ومن حاد عن سبيله باء بالخيبة والندامة، وخسر الدنيا والآخرة،