١٠٦- فأبن من هذا إن قدرت ما تقوم لك به الحجة وإلا كان قولك بما لا حجة لك فيه مردودا عليك؟.
١٠٧- فقلت: له ليس لي ولا لعالم أن يقول في إباحة شيء ولا حظره ولا أخذ شيء من أحد ولا إعطائه إلا أن يجد ذلك نصا في كتاب الله أو سنة أو إجماع أو خبر يلزم.
١٠٨ - فما لم يكن داخلا في واحد من هذه الأخبار فلا يجوز لنا أن نقوله بما استحسنا ولا بما خطر على قلوبنا ولا نقوله إلا قياسا على اجتهاد به على طلب الأخبار اللازمة.
١٠٩ - ولو جاز أن نقوله على غير مثال من قياس يعرف به الصواب من الخطأ جاز لكل أحد أن يقول معنا بما خطر على باله ولكن علينا وعلى أهل زماننا أن لا نقول من حيث وصفت.
١١٠ - فقال: الذي أعرف أن القول عليك ضيق إلا بأن يتسع قياسا كما وصفت ولي عليك مسئلتان:
١١١ – إحداهما: أن تذكر الحجة في أن لك أن تقيس والقياس بإحاطة كالخبر إنما هو اجتهاد فكيف ضاق أن تقول على غير قياس واجعل جوابك فيه أخصر ما يحضرك.
١١٢ - قلت: إن الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء. والتبيين من وجوه منها ما بين فرضه فيه ومنها ما أنزله جملة وأمر بالاجتهاد في طلبه ودل على ما يطلب به بعلامات خلقها في عباده دلهم بها على وجه طلب ما افترض عليهم.
١١٣ - فإذا أمرهم بطلب ما افترض دلك ذلك والله أعلم دلالتين إحداهما أن الطلب لا يكون إلا مقصودا بشيء أنه يتوجه له لا أن يطلبه الطالب متعسفا. والأخرى أنه كلفه بالاجتهاد في التأخي لما أمره بطلبه