للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نشاطات المهتمِّ بالشؤون الفكرية، أو نشاطات التاجر، أو العامل، أو الفلاح. فقد تَقَشَّعَت اليوم الهالةُ التي كانت تحجب بِطُفاوَتِها المشاكل الملموسة عن عيون الشعب الجزائري أثناءَ الثورة، كما جُرِّدَت المشاكل من ظُلامَتها المضَلِّلَة.

ومن هنا فصاعداً يجب أن يُسَمَّى القِطُّ قِطّاً، بحيث لا يجب أن يوجد ألبَتَّة أمام أنظار الشعب الجزائري مُثَقَّفون زائفون، وأبطال مصطنعون، ومشاكل مفتعلة؛ إذ يجب البدءُ أولاً بتصفية مشاكل الاستقلال الطُّوباويّ (أو الخياليّ) الذي تركت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سَطْوَتَه تَنْمُو وتتفوَّق على بعض الأذهان في بلادنا؛ حتى لقد أصبحنا نلاحظ في أيامنا هذه وجود علائم قائمة قَلْباً وقالباً للتَّخاذل والتراخي في بلادنا كما لو كان يتعيَّن على (الاستقلال) أن يحلَّ جميع مشاكلنا العموميَّة والخصوصيَّة بطريقة آليَّة؛ بينما يجب علينا أن نفهم أن قطاعنا العمومي بالخصوص لا يزال يَحْيا على ما تركه لنا المستعمر بعد رحيله؛ وعندما يُسْتَنْفَذُ هذا الرَّأسمال، فما عسانا نصنع إذا كانت الضرائب لا تدخل الخزينة، وإذا أهمل الموظَّف أو المستخدم واجبه؟ ... فالمعدَّات المتنقلة من شبكة السكك الحديدية على سبيل المثال ماضية إلى النَّفاد على مَرْأى من أبصارنا، لأنه قد تمَّ إهمال صيانتها كما هو المشاهد؛ وذلك مع إغفالنا للحديث عن تكرار عدم مراعاة جدول المواقيت على خَطٍّ حديديٍّ هام مثل خط قسنطينة- الجزائر العاصمة ... وإذن فإنه من المقتضيات الملحَّة أن نعيد التفكير في مشاكل البلاد، على ضوء إدراكنا لكون المشاكل القائمة في مرحلة ما بعد الثورة إنما هي مشاكل (البنْيَة القاعِدِيَّهَ)، أعني مشاكل: الإنسان، والتراب، والزمن، وأنها هي التي يجب أن تُثار قبل غيرها؛ كما يجب أن نُوجِدَ (القاسم المشترك) لحلولها؛ وهذا القاسم المشترك إنما يتمثَّل في المفهومية التي يجب أن تكوّن (حِلفاً) بين الأشخاص، و (فَنّاً) صِياغِيّاً تجاه الأشياء، و (مَنْهَجاً) على صعيد (الأفكار).

<<  <   >  >>