للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورسالةُ شهدائنا يجب أن يكون لها معناها في الجزائر وفي العالَم؛ حيث يجب أن تَعنيَ (البِناءَ) هُنا، و (الْحُضورَ) و (المساهمةَ) هناك.

ففي الداخل يُطْلَبُ إلينا أن نَبْنِيَ، أو أن نعيد بناءَ حضارتنا؛ وفي الخارج، يجب علينا أن نساهم في النشاط المشترك للإنسانيَّة، في عالم صار قابلاً لإيصال التاريخ، حيث أصبح الفكر يتَّجه إلى الوحدة، وحيث يرى مالْرُو ( Malraux) مَوْلِدَ فَنٍّ عالَمِيٍّ.

وبقدر ما يزداد ارتفاعُ الغاية، وبُعدُ مسافتها، بقدر ما يتعيَّن على الإنسان السائر صَوْبَ هذه الغاية: أن يمتدَّ طبقاً لمقياس مُهِمَّاتِه.

فعندما كان القرآنُ يوجِّه هذا الأمْرَ إلى الجماعة المسلمة لكي يدفعها إلى السَّيْر، كان يَلْذَعُ بسياط آستهزائه كذلك أولئك المتخلِّفين عن التَّوقيت، حيث قال للرَّسول في شأنهم:

{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} (١).

ولقد بدأ سيرنا في الجزائر على نداء شهدائنا وحتَّى إذا تعيَّن أن تطول علينا الشُّقَّةُ، فإنَّنا سنواصل السَّيْر لا محالة.

فهناك نشيدٌ عظيم يرتفع في أعماق روح الشَّعب الجزائري، وهو الذي سَيَزِنُ وَقْعَ خَطْوِنا على دروب التَّاريخ.

أجل! ها قد بلغ هبوبُه المحرِّر- الحاملُ لرسالة شهدائنا- أقصى الآفاق النَّائية من إفريقيا وآسيا. ولسوف تسمع الأجيالُ الجزائرية المقبلة أصداءَه دون ريب؟ ...


(١) التوبة ٩/ ٤٢: وبقية الآية: { ... وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}

<<  <   >  >>