للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سادتي:

ورثنا نحن معشر الشعوب الإسلامية، كما ورثت معنا وفي الظروف نفسها الشعوب الأفريقية الآسيوية التي خضعت مثلنا للدول الاستعمارية واحتكت بثقافتها وحضارتها في إطار الاستعمار، ورثنا من هذا الاتصال وبحكم القانون الذي يفرض على المغلوب عادات وتقاليد الغالب، ورثنا المقاييس المرتبطة بحياة العالم الغربي وبتجربته التاريخية، وتقبلنا بعضها لنقيس بها الواقع الاجتماعي لدينا، ونقارن على ضوئها ماضينا بما يسحر أبصارنا في حاضر هذه الأمم الغربية. هذه الأمم التي فرضت علينا عاداتها ومفاهيمها ومصطلحاتها وأسلوب حياتها، وهكذا رأينا هذه الأشياء كمسلمات يقتدي بها فكرنا ويهتدي بها اجتهادنا، ويستدل بها منطقنا، دون أن نحقق في درجتها من الصحة واتفاقها مع جوهر شخصيتنا، وفلسفة حياتنا. وكان أثرها في تفكيرنا أن أصبحنا نتناول في كتابتنا وفي حديثنا موضوعات جديدة مثل موضوع هذا الحديث أي الديمقراطية في الإسلام.

إننا حينما نقدم عنواناً كهذا لا نشعر عادة بأنه يتضن مسلمة لم يسلم بها تسليم المقتنع، وإنما نسلم بها خضوعاً لمسايرة العرف الذي فرضته علينا الحضارة الغربية، حتى أصبحنا نضم إلى الإسلام كل ما نعتقد أنه ذو قيمة حضارية دون أي تمحيص فيما يربطه أو يحدد درجة ارتباطه بالإسلام أو ينزِّه عنه الإسلام.

فالديمقراطية من تلك العناصر التي نتقبلها لنضيفها إلى التراث الإسلامي، مقتنعين بما يبرر هذه الإضافة ولو بصورة شكلية حتى يصبح الموضوع لا يفتح

<<  <   >  >>