للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بابه على نقطة استفهام: ((هل توجد ديمقراطية في الإسلام؟))، بل ندخل فيه مباشرة من باب المسلمات، فنقول: ((صفوا لنا الديمقراطية الموجودة في الإسلام)).

إن مشكلة الربط بين هذين المصطلحَيْن هي في نظري المشكلة الأساسية في الموضوع، يجب أولاً أن نميز بينهما وأن نعطي لكليهما ما تستحق شخصيته من التعريف، حتى يتبين في ضوء هذا التعريف أي قرابة توجد بين المصطلحَيْن.

وعليه يجب في خطوتنا الأولى أن نوضح وأن نعرف مصطلحاتنا: ما هو الإسلام؟ ما هي الديمقراطية؟

ولا بد هنا من ملاحظة: أن كل مصطلح كان في زمن ما كلمة محدثة، وإننا نعرف بالضبط متى حدثت كلمة (إسلام) في اللغة العربية وبمعناها الدارج، إنها لا شك من ابتكار القرآن.

ولكننا على جانب أقل من المعرفة فيما يخص مصطلح (ديمقراطية)، فنحن لا نعرف متى درجت في اللغة العربية كمفردة مستوردة، ولا نعرف حتى تاريخ حدوثه في لغته الأصلية، إنما نعرف أنه صيغ في اللغة اليونانية قبل عصر بركليس (١)، إذ أن المؤرّخ توسديد يذكره على لسان هذا القيصر في إحدى خطبه الموجهة إلى شعب أثينة. أي منذ خمسة قرون قبل الميلاد.


(١) في خلال احتفال جنائزي اختير بركليس ليؤبن فيه الضحايا الأولى لحرب بيلوبونيز التي وقعت بين أثينا وأسبرطة مجد بهذه الكلمات الأعمال الطيبة للديمقراطية التي كانت منتصرة على النظام الأرستقراطي: ((بما أن الدولة عندنا تدار لمصلحة العامة وليس لمصلحة الخاصة اتخذ نظامنا اسم الديمقراطية. وفيما يختص بالنزاعات الخاصة هناك المساواة التي تؤمنها القوانين للجميع، ولكن فيما يخص المشاركة في الحياة العامة، يحصل كل فرد على تقديره بحسب جدارته، وما يهم هنا ليست الطبقة التي ينتمي إليها وإنما قيمته الشخصية، هذا دون أن يشعر بالحرج من بؤس وضعه الاجتماعي واسوداده إذا كان يستطيع أن يخدم المدينة ... )) (تاريخ حرب بيلوبونيز، الكتاب الثاني، فصل ٣٧). =

<<  <   >  >>