هكذا نرى الصلة مفقودة بين المصطلحَيْن بالنسبة إلى الزمان وإلى المكان، وربما أمكن القول مجازفة، نظراً لهذا التباعد من حيث التاريخ ومن حيث الجغرافية، بأن ليس هناك (ديمقراطية في الإسلام).
ومن جهة أخرى فبقدر ما يكون اللفظ مشحوناً بالتاريخ، أي بقدر ما تكون له جذور في واقع وتاريخ البشر كما هو شأن الكلمتَيْن اللتَيْن نحلِّلهما، يكون شيء من التباس في هذا اللفظ التباساً يلبسه أحياناً معاني متعددة.
يجب إذن أن نرفع هذا الالتباس باختيار أي هذه المعاني نقصد بالضبط. إن كلمة إسلام وكلمة ديمقراطية تحتوي كلاهما على مضمون ثري يجب من الناحية العملية تبسيطه إلى أقصى ما يمكن حتى تتيسر المقارنة بينهما.
ما هي الديمقراطية في أبسط معانيها؟
إن أي قاموس اشتقاق في اللغة الفرنسية يدلنا على أن الكلمة، مركبة من مفردتين يونانيتين، وتعني (سلطة الشعب) أو سلطة الجماهير، كما تعودنا أن نقول اليوم، أي بتعبير تحليلي موجز (سلطة الإنسان).
ومن جهة أخرى ما هو (الإسلام)؟ في أبسط معاني الكلمة لعلنا لا نجد جواباً أفضل على هذا السؤال، من أن نستعيره من جواب النّبي - صلى الله عليه وسلم - ذاته على سؤال ورد في حديث مشهور، رواه مسلم والترمذي والإمام أحمد والبخاري عن
= ويذكر في مكان آخر: (( .. على الدولة الديمقراطية أن تعمل لخدمة السواد الأعظم من الناس، وأن تطبق مساواة الجميع أمام القانون، وأن تصب الحريات العامة في هوية المواطن. ومن واجبها أن تساعد الضعيف وتضع الجدارة في مكانها الأول. إن التوازن المتناسق بين مصلحة الدولة ومصالح الأفراد الذين يكونونها تؤمن الانطلاق السياسي والاقتصادي والفكري والفني للمدينة، وذلك بحماية الدولة من الأنانية الشخصية، وبحماية الفرد عبر الدستور من تعسف الدولة)). [ط. ف].