للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالقضية إذن عندما نتحدث عن الديمقراطية في الإسلام منوطة بهذه العموميات وهذا المرجع، أي بالعناصر الثلاثة التي قدمناها على أنها الشروط العامة لوجود الشعور الديمقراطي في أي بيئة.

وبالتالي فالسؤال هو: هل الإسلام يتضمن ويتكفل هذه الشروط الذاتية والموضوعية، أي هل يكون نحو (الأنا) ونحو (الآخرين) الشعور الذي يطابق الروح الديمقراطي كما بيَّنا، وهل يخلق الظروف الاجتماعية المناسبة لتنمية هذا الشعور؟

وعلينا من وجهة عملية، وقبل الجواب على السؤال؛ هل يخلق الإسلام الشعور الديمقراطي؟ أن نتساءل: هل يخفف الإسلام حقيقة من كمية ومن حدة الدوافع السلبية، والنزعات النافية للشعور الديمقراطي، التي تطبع سلوك العبد وسلوك المستعبد؟

لا بدّ إذن وفي البداية على الخصوص أن نقدر كل مشروع يهدف إلى تأسيس ديمقراطية، على أنه مشروع تثقيف في نطاق أمة بكاملها، وعلى منهج شامل، يشمل الجانب النفسي، والأخلاقي، والاجتماعي، والسياسي.

فالديمقراطية ليست إذن، كما نفهمها فهماً سطحياً عندما نتناول معناها الدارج، أي في حدود اشتقاق المفردة، ليست مجرد عملية سياسية، عملية تسليم سلطات إلى الجماهير، إلى شعب يصرح بسيادته نص خاص في الدستور.

وقد يكون هذا النص نفسه غير موجود في بلد معين إما لأن هذا البلد، لم يوضع في دستوره نظام دستوري، وإما لأن جباراً مستبداً جاء يلغيه، مثل نابليون في فرنسا، ومع ذلك لا تفقد الديمقراطية معناها في هاتين الحالتين، لأن معناها مرتبط بشعور، وبعادات، وتقاليد لا يكونها نص ولا يلغيها جبار.

فإنجلترا تتمتع بحياة ديمقراطية ممتازة، دون أن يكون في أساسها نص

<<  <   >  >>