للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذه العزهّ الموهوبة للمؤمن لا تعرضه للكبرياء، لأنها لا تعني المجد التالف المتصل بالأشياء المادية، بل هي العزة في سموّ الأخلاق، وعلوّ الهمة.

وهكذا نرى أن الدوافع السلبية التي من شأنها أن تدفع المسلم إلى الهاوية، من ناحية أم من أخرى، يسيطر عليها الشعور الإيجابي الذي وضعت في نفسه بذوره بصفته مسلم.

وعليه فإن (الديمقراطية) مغروسة أولاً في ضمير المسلم، مع التقويم الجديد الذي حدّد في نظره قيمته وقيمة الآخرين.

ولا شك أن عبارة (الديمقراطية الجديدة) في الصين الشعبية، تعني أولاً هذا التقويم الجديد للإنسان، قبل أن تعني قوانين جديدة ومصانع جديدة وطرقاً جديدة .. فهي تهم (أولاً عالم الأشخاص قبل أن تهمّ عالم الأشياء).

وإذا أردنا أن نعرف شيئاً هو الديمقراطية الإسلامية، فإن هذا الشيء يعني أولاً (تطعيم) الإنسان، وتحصينه ضدّ النزعات المنافية للشعور الديمقراطي، وتصفية هذه النزعات في نفسه.

أما الديمقراطية العلمانية أو اللائكية، فإنها تمنح الإنسان أولاً الحقوق والضمانات الاجتماعية، ولكنها تتركه عرضة لأمرين فهو إما أن يكون ضحية مؤامراتٍ لمنافع معينة، ولتكتلات مصالح خاصة ضخمة؛ وإما لأن يجعل الآخرين تحت ثقل دكتاتورية طبقية، لأنها لم تصف في نفسه دوافع العبودية والاستعباد، لأن كل تغيير حقيقي في المجتمع لا يتصور دون تغيير ملائم في النفوس. طبقاً للقانون الأعلى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١٣/ ١١].

وهكذا تظهر بوضوح أكثر، العلاقة العضوية بين الإسلام والديمقراطية؛

<<  <   >  >>