للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العلاقة التي لم يكن من السهل توضيحها في صدر هذا الحديث، عندما كنا نحاول تحديد وجه التشبيه والمقارنة بكلمة ديمقراطية مأخوذة في معناها الاشتقاقي، أي باعتبار المشروع الديمقراطي على أنه مجرد مشروع تسليم سلطات إلى الشعب بمقتضى نصوص دستورية معينة.

وهكذا يظهر أيضاً بوضوح أكثر، الخطأ الذي نقع فيه عندما نستعير من بلاد معينة دستوراً ديمقراطياً جاهزاً، لأننا في مثل هذه الحالة لا ننقل مع النصوص الدستورية المستعارة كل الأُسس النفسية، والتجربة التاريخية التي أملت هذه النصوص في بلاد مولدها، كأنما نقوم بمشروع ديمقراطي على غير أساس في صميم الواقع. إن هذه الملاحظات تتيح لنا، منذ الآن، التقرير بشرعية الحديث عن (الديمقراطية في الإسلام) كما وردت عبارتها في عنوان هذا الحديث.

ولكن يجب أن نتساءل، كيف تتحقق هذه الديمقراطية المؤسسة بالصورة التي بيَّناها في عالم النفس المتصل بالضمير والشعور، كيف تتحقق في عالم الواقع المحسوس، في الأعمال الخاصة والعامة، في نطاق الأفراد والحكومات، وفي حياة النظم والمنظمات؟

وبالخصوص يجب أن نتساءل، هل تكفل هذه الديمقراطية ما تكفله الديمقراطية اللائكية للفرد من حقوق وحريات سياسية، ومن ضمانات اجتماعية؟

هذا هو الجانب الآخر، الجانب الموضوعي، وقد يلاحظ أن مبررات هذا الفصل، يجب أن تكون مستقاةً من واقع المسلمين اليوم، لا من نصوص دينهم.

ولكن ليس لهذه الملاحظة إلا قيمةً شكليةً، لأننا عندما ندرس ديمقراطية أثينا، على وجه المثال، فإننا لا نبحث عن مبرراتها في واقع الشعب اليوناني

<<  <   >  >>