اليوم، دون أن يعني هذا، أن الجيل اليوناني المعاصر قد فقد القيم التي تميزت بها الديمقراطية في عصر أفلاطون.
فلا حرج إذن في اعتبار الديمقراطية في الإسلام، لا في الزمن الذي تحجرت فيه التقاليد الإسلامية وفقدت فيه إشعاعها، كما هو شأنها اليوم بصورة عامة. ولكن في زمن تخلقها ونموها في المجتمع.
فمما يتعارف عليه الناس ويؤكده التاريخ، فإن التقاليد الإسلامية نشأت في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي عهد الخلفاء الراشدين.
فإذا اتفقنا على وجهة النظر هذه؛ وهي وجهة نظر فقهاء الإسلام، فالمشروع الديمقراطي الذي وضعه الإسلام، قد أخذ طريقه للتحقيق نحو الأربعين سنة تقريباً.
ففي هذه المدة، وضعت كل الأصول النفسية التي تقدم ذكرها تكملها وتدعمها مقدمات جديدة، لتكون الأساس المعنوي للديمقراطية الإسلامية.
فإحدى هذه المقدِّمات يجب ذكرها بالخصوص، لأنها تكمل تقويم الإنسان في نقطة رئيسية تتصل بالعبد في المجتمع الإسلامي.
إننا نعلم، أن ديمقراطية أثينا لم تعطِ أي أهمية لهذه القضية؛ قضية الرقيق، إلا من الوجهة الانتفاعية حيث كان الرقيق من مقومات النظام الاقتصادي، حتى إن أحداً لم يفكر في إطار هذا النظام في وضع مبدأ لتحرير الرقيق فيكتمل بذلك تقويم الإنسان فيه. بينما يأتي الإسلام فيقرر هذا المبدأ بكل وضوح: فيشمل بذلك تقويمه الإنسان الذي وقع في قيد الرق، بمقدمات أو أصول فقهية نجدها في القرآن وفي السُّنة، وتكون في الواقع تشريعاً لعتق الرقيق بصورة تدريجية.