للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن بين هذه المقدمات التي يمكن ذكرها، قوله عزّ وجلّ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ ... } [البلد: ٩٠/ ١٠ - ١٣].

فهذا التقريع للإنسان الحرّ كأنما يهدف إلى وضع قضية الرقيق في ضميره، كي تأخذ هكذا طريقها إلى الحلّ، أي طريق التحرير التدريجي.

وهذا التوجيه العام يظهر في آيات أخرى، كالآية التي تحدد موضوع الصدقات حيث يقول عز وجلّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ... } [التوبة: ٩/ ٦٠].

كما يظهر أيضاً في الأحاديث مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النّار».

وفي قوله عليه الصلاة والسلام: «من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه».

وفي حديث آخر حيث يوصي - صلى الله عليه وسلم - بشأن الرقيق: «إنهم إخوانم وضعهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون».

وفي حديث يقول فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أوصاني حبيبي جبريل بالرفق بالرقيق، حتى ظننت أن الناس لا تستعبد ولا تستخدم».

فهذه النصوص كلها تكمل، من نواح مختلفة، التقويم الأساسي للإنسان، التقويم الذي يقوم عليه- كما قدمنا- المشروع الديمقراطي، تكميلاً يجعل هذا المشروع يضم في خطوطه العامة مصير الرقيق إلى مصير الإنسان الحر، وبحيث يضيف الرقيق إلى عالم الآخرين، أي عالم الأشخاص بعد أن كان من عالم الأشياء، وذلك لأول مرة في التاريخ.

<<  <   >  >>