للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فمدى تأثير المبادئ يظهر فعلاً مع حدودها في واقع الحياة، في الفترة المطابقة لطور التخلق والتكو ين الديمقراطي. وإذا راجعنا هذا الطور، سنجد عدة مبادئ نظرية مع حدودها في التطبيق، كالمبدأ الذي يؤسس الحكم الإسلامي على طاعة المحكومين لأولي الأمر، كما ورد في الآية الكريمة:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .. } [النساء: ٤/ ٥٩].

فهذا المبدأ يقرر، طبقاً للنص، امتيازات الحكم.

ولكن في اليوم ذاته، الذي يستم فيه عمر رضي الله تعالى عنه مقاليد هذا الحكم نراه يبيّن هو نفسه الحدود، الواقعية للمبدأ النظري، إذ يبيّن للمؤمنين الذين بايعوه، أي عاهدوه على الطاعة، حدود هذه الطاعة في خطبته المشهورة: (( .. من رأى منكم فيَّ اعوجاجاً فليقومني .. )).

فنرى هكذا، كيف تتصور فكرة الحكم، في ضمير حاكم في اللحظة البارزة من التاريخ الإسلامي، التي يستلم فيها مقاليد الديمقراطية الإسلامية.

ولكن هذه اللحظة تعطينا أيضاً صورة لفكرة الطاعة في ضمير محكوم، إذ نرى أعرابياً يرد على الخليفة فيقول: ((والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقوّمناك بسيوفنا)).

إننا نرى الطاعة والحكم محدودين بالاعتبارات نفسها في ضمير المواطن البسيط وضمير رجل الدولة.

وهكذا تبرز في صميم الواقع الذي سجّله التاريخ، فكرة الحاجزين اللذين وضعهما الإسلام على يمين وشمال المسلم، في طريقه نحو تحقيق الديمقراطية

<<  <   >  >>