يبقى في محتواها الاجتاعي أقل ما يمكن من عوامل التيسير لصلاحيتها، وأكثر ما يمكن من عوامل التعسير، وانتفاء الصلاحية.
ومن الواضح، أن من أكثر البوادر دلالة على اتجاه مجتمع ما، هو اتجاه أفكاره، فإما أن تكون متجهة إلى الأمام، إلى المستقبل، أو إلى الخلف، اتجاهاً متقهقراً، اتجاهاً ملتفتاً إلى الماضي بصورة مرضية.
ومن دون أن نستمر إلى أبعد من هذا، في تحليل هذه الإحكامات الدقيقة للصراع الفكري فلنلقِ هذه الاعتبارات على موضوعنا بالذات، نعني أثر هذا النوع من أدب المدح والتمجيد والإطراء على سير الأفكار، واتجاهها في المجتمع الإسلامي المعاصر، فنرى على الفور الجانب الآخر لهذا الأدب، عندما يصير بين يدي أولئك الأخصائيين وسيلة عمل جهنمي في تحريك رحا الصراع الفكري المحتدم في بلادنا.
إننا نرى اليوم مرأى العين هذا العمل الفتاك، ونرى أثره في كل تفاصيل حياتنا الفكرية، والسياسية والاجتماعية، وفي البلاد العربية حيث تكونت تجربتي وخبرتي كمواطن وككاتب وكصحافي.
وليس كتاب كامل بكافٍ لسرد هذه التجربة. ولنذكر منها فقط، على سبيل المثال آخر تفصيل من تفاصيلها:((انعقد أخيراً بباريس مؤتمر العمال الجزائريين بأوروبا وبهذه المناسبة تقرر من لدن المشرفين على المؤتمر توزيع كتيب لصاحب هذا العرض، تناول فيه مشكلةً من مشاكلنا اليوم، بالخصوص في الجزائر، البلد الذي اتخذ من كلمة (الديمقراطية) شعاره الدستوري.
ولكن أصحاب الاختصاص في الصراع الفكري لم يهملوا هذه المناسبة من اهتمامهم، ولم يفتهم ما تقرر توزيعه بهذه المناسبة، ولكن كيف يسدون الذريعة، أعني كيف يسدون الطريق على الأفكار المعروضة في الكتيب الذي