للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكلما يتقدم هذا المفكر المسلم أو هؤلاء المسلمون بحلّ لهذه المشكلة، يسرع من طرفهم أولئك الأخصائيون لدراسة هذا الحل، فإن كان خاطئاً، زادوا في شحنة خطئه بطريقة أو أخرى، وإن كان فيه بعض ما يفيد حاولوا كل جهدهم للتقليل من شأنه، وتخفيض قيمته حتى لا يفيد.

هذه هي القاعدة العامة في الصراع الفكري الذي نشير إليه. ويترتب على هذا، أنه كلما لاحت في العالم الإسلامي أي بادرة ذات مغزى، ولو كانت لا تبصرها أعيننا، فإن مجهر أولئك الأخصائيين يلتقطها على الفور، ليجري عليها كل طرق التحليل (١)، وإذا وجدوا فيها أي اتصال بحركة الأفكار في العالم الإسلامي، تجري عليها كل عمليات التشريح، وتمرّ بكل أصناف التقطير، حتى


(١) من المؤكد أن الصراع الأيديولوجي ليس خرافة لذلك ترفض دول الشرق والصين كل تبادل حرّ للأفكار بينها وبين الدول الرأسمالية. ويكفي أن نرى ردة فعل بريجنيف عندما كلمه بهذا الأمر فاليري جيسكار ديستان (١٩٧٥م) ونقرأ في بداية مؤلف غريب وقع بين أيدينا وهو بعنوان (ملاحظات ودراسات حول الإسلام في إفريقيا السوداء) وقد نشره أحد مراكز الدراسات الذي يقع مباشرة تحت سلطة رئيس وزراء بلد أوروبي: CHEAAAN. يخرج هذا المركز دفعات من الموظفين والضباط والقضاة، وهو يصبو لأن يكون مختبر أفكار ومناهج، ومركز تفكير وأبحاث، وهو يقوم بالتعليم وينظم أعمالاً في شكل ندوات. ويهدف المركز بشكل دائم إلى إعطاء الموظفين والضباط والقضاة الذين يعملون في بلاد ما رواء البحار، وعلى الأخص في البلاد الإسلامية، ما يكمل تأهيلهم العلمي ويطور إمكاناتهم التقنية)).
ويضم هذا الكتاب مجموعة من الدراسات والمراجعات حول سيرورة الدخول في الإسلام في إفريقيا، وحول القوى البشرية والاجتماعية المسلمة في هذه القارة. ونرى فيها ملاحظات ومقارنات دقيقة بين تقدم التبشير بالإسلام، وتقهقر التبشير بالمسيحية. هذا من ناحية، ونذكر من ناحية أخرى بأن اجتماعاً عقد في الجامعة الكاثوليكية في (لوفان) سنة ١٩٧٠م ضمَّ نخبة من العالم العربي أتت لتناقش في مشاكل النهضة (أمر غريب، غريب، غريب) وقد نتج عن هذا الاجتماع كتاب بعنوان (نهضة العالم العربى) - الناشرون SNED et le culot ١٩٧٢ م. [ط. ف].

<<  <   >  >>