للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدُّخلاء الباحثين عن أرض موعودة. وإننا لنجد من بين هؤلاء (الثوريِّين!) أولئك الحانقين الذين كَبَوا في اللحاق بموكب الثورة في بلدانهم وأُولئك المنتجعين لِلْكَلأ ( transhumants) (١) ، الذين ليسوا من هنا ولا من هناك، والذين نجدهم يتسلَّلُون في بلادنا إلى كلِّ مكان (٢)

وهناك أيضاً الذين يتباهون بالنجاحات المشهودة لبعض النظم الاشتراكية المعينة ولكنهم لا يأخذون في اعتبارهم حساباً للحقائق الواقعيَّة الجزائريَّة بما فيه الكفاية.

وإذن فالْخَطر يتهدَّدنا في عقر دارنا، ولذا يجب علينا أن نُفْهم الآخرين وَنُفْهِم أنْفُسَنا أن مفهوميَّة شعب ما لا يمكن أن تُصاغ إلا من طرف الآدميِّين الذين شكَّلت جِبِلَّتَهُمْ أحداثُ تاريخ هذا الشعب.

ويزداد إلحاح ضرورة المفهوميَّة بقدر ما تشغل الجزائر مكانة خاصة في (المغرب)، والعالم العربي، وأفريقيا، وفي العالم الكادح.

فقد اجتذب بالأمس النضال البطولي للشعب الجزائري تياراً ضخماً من التعاطف. واليوم أصبح العالم مُنْتَبِهاً لرسالة الجزائر الجديدة. وهذه الرسالة يجب أن لا تَتَنكَّر لتضحية شهدائنا، ولا أن تخيِّب رجاء معاصرينا.


(١) يعني المقدّمُ شذّاذ الآفاق الذين لا ينتمرن إلى وطن، من المرتزقة المتمعّشين الذين يصطلح الشعبُ على تسميتهم: ((بالْخُبزيِّين)). (الترجم).
(٢) ويتعين علينا كذلك أن نقوم ذات يوم بتحديد الدور الذي تلعبه صحافة فرنسية معينة في تعمية الجزائريِّين وصرفهم عن وجهتم قبل الاستقلال وبعده. فقد تعودنا على اطلاعة الوقحة للصحافة اليمينيّة، ولكن مكيافيلية ( machiavélisme) الصحافة اليسارية أشد منها فتكاً بما لا يقاس لأنها تخفي وراء مداهنتها الدنيئة (مقاولة) ترمي إلى تَقْييم اللاّقِيَم ( les non-valeurs) ومواراة القيم الحقيقية، لمجرد أنها لا تجد السلوان أو هي تظلّ سيّئة العزاء إذ تجد نفسها قبالة ثورة تفهم أنها تُعَدُّ من أجل الشعب الجزائريّ وبواسطته هو وحده. (المقّدِّم).

<<  <   >  >>