للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ذائِقَة القيم الإسلامية أو أُعيد إنشاؤُها لمواجهة سيطرة الغرب الثقافية عليه. ولكن في الوقت الذي كان يُواجَهُ فيه الاستعمار على هذا النحو، كان يُحْتَفَطُ بمعطيات القابليّة للاستعمار، أو هي كانت تُتْرَكُ دون مساس بها.

وأشخاصُ الجيل الذي عاصرتُه ممن قرؤوا كتاب (الإفلاس الأخلاقي للسياسة الغربية في الشرق) لمؤَلِّفه التركي (أحمد رضا)، أو كتابات (شكيب أرسلان)، كانوا في الحقيقة يقرؤون أعمالاً للدفاع والتَّبرير، وليس أعمالاً للبناء والتوجيه.

فبدل أن تُتَرْجم الجهود الذهنية عن نفسها في صورة مذهب دقيق للنهضة، ومنهاج منسجم، كانت تنْطلق في صورة شعلات دفاعية أو جداليَّة. وكان المؤَلَّف المنهجيُّ الوحيد الذي خلَّفه (جمال الدين) يتمثل في مجادلة ضدّ (الماديّة) - أو (النَّاشوريّة) حسب تعبير كاتبه- وهو الكتاب الذي يتعين علينا أن نقرن به المجادلة المدوِّية لتلميذه (محمد عبده) ضدّ (رينانْ) ( Ernest Renan) .

والإصلاحُ الجزائريّ نفسُه، لم يكن بالإجمال سوى مجادلة ضدّ المرابطية والاستعمار.

إلا أن فكرة المذهب كانت تساور العقول في ذلك الجيل أو الذي يليه، كما يشهد بذلك مؤَلَّفٌ لكاتب ليس معروفاً بما فيه الكفاية، وأعني به (الكواكبي) (هـ)، الذي كان كتابه (أمّ القُرى) يمرّ طَيَّ التكتّم بالجزائر حوالي سنة ١٩٢٠. ولكنه لم يكن سوى عمل من صنع الخيال، أُعِدَّ كمُفَصَّلِ المشاهد


(هـ) عبد الرحمن الكواكبي (١٨٤٩م- ١٩٠٢م): ولد في حلب، وقد اضطهده الأتراك لحريته في القول والكتابة، جال (زنجبار) و (الحبشة)، وأقام في مصر. له كتاب (أمّ القرى)، و (طبائع الاستبداد).

<<  <   >  >>