للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إننا لا ندعي أن نقدم لذلك كله في الإطار الضيق لمحاضرة، دراسة متقصِّية مستوعبة لجميع التفاصيل (١).

وإنما نقتصر على القول بأن هناك تطوراً معيناً قد بدأ بالفعل منذ ذلك الحين، في العوائد، والأفكار الدارجة، وفي بعض الوقائع الاجتماعية المعينة، متخذاً في بعض الأحيان أشكالاً سياسية تعمل بمقتضى النزعة (اللاَّيِيكيَّة) غير الدينيّة في كثير أو قليل، من قبيل (ثورة تركيا الفتاة) سنة ١٩٠٨م، أو هو يتخذ أحياناً أخرى سياقاً إصلاحياً ينصرف اهتمامه إلى استخدام القيم التقليدية للإسلام في النزاع المفاهيمي والسياسي للقرن العشرين، بعد تجديده لها في قليل أو كثير.

ولكن هذه الحركة كانت ترمي من كلا جانبيْها في نهاية الحساب إلى أن تَمْهَرَ المجتمع الإسلامي بالوسائل الملائمة للدفاع عن ذاته أو لتبرير نفسه، بدل أن تقوم بتحويل الشروط الواقعية والأساسية لهذا المجتمع.

ومن أجل الدفاع عنه كانت المشاكل توضع ضمن حدود كمية، أي باعتبار: (كميّات الأشياء) الضرورية. وقد كان نفس شعار (جمال الدين) الذي يقول فيه: ((لو أن جميع الهنود يبصقون معاً، لأغرقوا الْجُزُرَ البريطانية في بحر من اللُّعاب! .. ))، يشير إلى أن (النهضة) كانت تنزلق في طريق (الشَّيْئِيّة) ( Choséisme) .

إلا أنه يجب علينا أن نضيف إلى هذا أن (الأفغاني) العظيم قد ترك لنا أفكاراً كذلك، فيما كتبه من أجل الدفاع عن العالم الإسلامي. وفي النهاية، ابْتُدِعَتْ من أجل تبرير هذا العالم، آلةٌ ذات مقطع مزدوج؛ فقد تمّت المحافظة


(١) انظر للكاتب نفسه (وجهة العالم الإسلامي). [ط. ف].

<<  <   >  >>