للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كان الجواب على هذا السؤال بالإثبات فهلاَّ يتعيَّن علينا عندئذٍ أن نُعْطِيَ اسْماً خاصاً لهذا الاطراد، وأن نطلق عليه بالتالي اسم: الحضارة الغربية؟ ...

والبديهيَّة التي اكتفينا بإبراز أهميتها فحسب، عن طريق هذه الملاحظات البسيطة، تخوِّل لنا التمكن بصورة أفضل من الخصائص الأساسية للتجربة التي بدأت في المجتمع الإسلامي مع حركة النهضة منذ قرن من الزمان.

لقد بدأت هذه النهضة غداة حَدَثٍ غريب في ظاهره، عن تاريخ هذا المجتمع، وأعني بذلك: تمرُّد السِّيبايْ (أو الجنود الهنود بالجيش الإنكليزيّ) (د) الذي حدث سنة ١٨٥٨م، وكان لما ترتَّب عليه من نتائج بالنسبة إلى (الوضعية القانونية) الإسلامية للهند، دويّ هائل في العالم الإسلامي، لأن (جمال الدين الأفغاني) قد قام بتجميع أصدائه، كما تولى مع تابعه (الشيخ محمد عبده) شرح هذه الأصداء وبثّها بإضفاء الطابع المأْساويّ عليها أثناءَ تقديمها للجيل الذي عاصره.

ولقد بدأ تاريخ حركة الإصلاح منذ هذا العصر. فكيف أتيح لها أن تجد ترجمتها ضمن وقائع العالم الإسلامي التاريخية، والاجتماعية، والسياسية، وخاصة بالجزائر؟


(د) السيبايْ ( Cipaye) : كلمة أخذتها اللغة البرتغالية عن إحدى اللغات الهندية، ودخلت عن طريق البرتغالية إلى الفرنسية؛ وهي تعني: الجندي من سكان الهند الأصليين (بالشركة الإنكليزية) أولاً، قبل أن تتنازل هذه الأخيرة عن حقوقها بالهند للتاج البر يطاني؛ ثم أطلقت فيما بعد على الجندي الهندي الأصل بالجيش البريطاني في الهند.
- أما تمرد السيباي ( Révolte des C'ipayes) فهي الحرب التي شنها في الهند سنة ١٨٥٧م الجنود الهنود المتمردون بالجيش الإنكليزي ضدَّ الإنكليز؛ وقد تمت على مرحلتين: انتهت المرحلة الأولى منهما: بالاستيلاء على (دلهي)؛ ثم استؤنفت المرحلة الثانية، نتيجة لتحريض نانا صهيب ( Nana-Sahib) للمقاومة التي استمرت على الاستيلاء على لوكْنو ( Lucknow) سنة ١٨٥٨م.

<<  <   >  >>