الاستعمال، مع ملاحظة أن فعَّالية الإنسان بالذات هي التي تقوم بتحديد بقية العوامل الأخرى.
وإذن فإن الإنقاص من عدم فعَّالية الفرد، يعني الإنقاص من تخلُّف المجتمع ... إلا أنه يتبقَّى لنا أن نعقد الصلة بين الثقافة والفعَّالية باعتبارها صفة ملازمة للإنسان المتحضِّر. فنتيجة الفعَّالية أمر مؤكد بصورة إجمالية في الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع متحضر معين، باعتبار أن حضارته ليست إلا التعبير عن مستوى معين للإنسان والتراب والزمن، المتَضَمنَة جميعها في كل نتاج من منتجاتها، وفي تركيبها الأصيل بصورة عامة.
كما أن نتيجة الفعالية أمر مؤكد أيضاً في بعض الحالات المعينة، وذلك عندما يوجد مجتمع معين نامٍ على الصعيد الصناعي، في بعض الظروف الخاصة من تاريخه، ضمن حالة لا يملك فيها غير وسائله الأوَّليّة، بحيث لا يستطيع أن يستعمل من أجل إعادة بنائه إلا هذه الرسائل فحسب، أي الإنسان والتراب والزمن. وهذه الحالة هي التي نقدِّم لها على سبيل المثال قضيّة إعادة بناء ألمانيا عقب سنة ١٩٤٥م. فقد وجد الشعب الألماني نفسه، عقب الحرب، محروماً من جميع أبعاده الأُخرى، وخاصة فقدانه لسيادته السياسيّة، بحيث لم يعد يملك لمواجهة مشاكله إلا عضلاته وأفكاره، أو بعبارة أُخرى طاقته الحيوية، وثقافته.
ولكن فعاليّة الفرد الألماني، من أجل إعادة بناء بلاده، تقتصر في نهاية الحساب، ومن وجهة النظر الاجتماعيّة، على ثقافته لا غير.
وإذا ما دعينا على أية حال إلى القيام بتحديد القسط المعزوِّ إلى العضلات في هذا التحوُّل المدهش، الذي تمَّ في مدة عشر سنوات، فإننا ندعو بدورنا هؤلاء الذين يطرحون علينا هذا السؤال، إلى الالتفات لحظة ما نحو المساحة التي تعاني