للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التخلُّف، وإلى التساؤل عن السبب الذي أذى بالإنسان الذي يعيش على هذه المساحة إلى عدم الإنقاص من مشاكله الحيويّة بواسطة عضلاته فحسب؟

وإذن فإن مشكلة الثقافة هي التي تواجهنا على رقعة البلدان المتخلفة. ولهذا فنحن عندما نقوم بالموازنة بين النموِّ والتخلُّف، على المستوى الجماعي، أو بين الفعَّاليّة وعدم الفعَّاليّة على المستوى الفرديِّ، نكون قد قمنا بالمقارنة بين مستويات ثقافيّة معيّنة، أي بين ثقافة معيّنة من ناحية، وبين شيء معيّن يمكننا - لكي نحافظ على الروح المنهجيّة التي نعتمدها- أن نَسِمَهُ بطابع يشبه اللاثقافة، من ناحية أُخرى.

وعلى هذا فنحن عندما نطرح مشكلة الثَّقافة في بلاد متخلِّفة معيّنة، لا نملك الخيار عند طرحها، لأن الثقافة محدَّدة بواسطة كل معطيات التخلُّف، وبواسطة المعطى البشري أولاً وبالذات، بحيث يتعيَّن علينا أن نطرح المشكلة بصورة حاسمة في الشكل الدقيق الذي تواجهنا عليه، أي في وضعها المثالث:

- كيف يتمُّ إعداد ثقافة معيّنة؟

وهذا لا يعني وجوب اعتبار الوضعين الآخرَيْن كوضعَيْن قابلَيْن للإهمال، لأن وجهة نظرنا يمكنها على أيّة حال أن تشمل هنا حقلاً أوسع للتَّقصِّيات، وأن تنفتح على ثقافات بلدان أُخرى، حيث تمَّ إعداد الثَّقافة عبر مجرى القرون.

إلا أن المشكلة بالنسبة إلينا تمثل قضيَّة ذات نسق عمليٍّ: فنحن نريد اكتساب الفعَّاليّة الضَّروريّة لنا، والتخلُّص من وجوه عدم فعَّاليّتنا الحاليّة. والمشكلة تطرح علينا تحت المظهر الإيجابيِّ والمظهر السلبيِّ معاً: حيث يتعيَّن علينا أن نكوِّن رصيدنا الثَّقافي الفعَّال، وأن نُصَفِّيَ راسِبَنا السلبيِّ.

والحق أنه قد تمَّ الشروع بالجزائر في عمل مزدوج للبناء، ولإزاحة الأنقاض،

<<  <   >  >>