للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجربة تمت في ألمانيا، وبتجربتنا الخاصة بالجزائر منذ خمسين عاماً، وبالتجربة التي احتكَّ بها جيلنا خلال السنوات الواقعة بين عام ١٩٤٠م وعام ١٩٤٤م، تثير أمامنا مشكلة الثقافة ضمن حدودها الصحيحة، وفي صورتها التالية:

- كيف يتمُّ إعداد ثقافة معينة؟

أما السؤالان الآخران:- كيف تتكوَّن ثقافة معينة؟ وما هو الدور الذي تؤدِّيه ثقافة معينة؟ أو ما هي الصورة التي تبرز فيها ثقافة معينة؟ فهما سؤالان مهمَّان، ولكنهما ليسا بالأساسيَّيْن بالنسبة إلى موضوعنا.

فالسؤال الأول يمكن أن يحظى باهتهام عالم الاجتماع في بلاد تكفَّل فيها الزمن خلال تعاقب القرون ببلورة القيم الثقافية التي تغذت منها وتشرَّبتها أجيال متوالية، بحيث تمكنت بالتدريج من تغيير عوائدها إلى آليات للسلوك.

والسؤال الثاني يمكن أن يشغل بال الناقد الأدبي أو الناقد الفني، أو أحد هواة الفلكلور إلخ ...

أما السؤال الذي يهمّنا والذي نطرحه بطريقة منهجية، فيجب أن نزيد من تحديده بطريقة نصوغ بمقتضاها في جلاء صريح موضوغ ثقافتنا ذاتها، بحيث يتعين أن يُثار السؤال في علاقته الوظيفية بهذا الموضوع نفسه، ضمن هذه الصورة:- كيف يتمُّ إعداد ثقافة متلائمة مع السلوك الفعَّال؟

لقد تأكد لنا من خلال التجارب التي سلف أن أشرنا إليها في دراستنا هذه، أن السلوك الذي ندعوه بالسلوك الفعَّال، لم يتم تشكيله داخل المدرسة لأن التعليم الفرنسي لم يمنح للجيل الجزائري الذي سبق جيل الثورة عادات الفعَّالية التي نجدها ضمن السلوك الذي شاهدناه في مواضع أخرى.

وإذن فهذا السلوك الأخير لا يتشكل على مقاعد المدرسة، ولكن ضمن مجموع الإطار الاجتماعي- الثقافي الذي يحيط بالفرد.

<<  <   >  >>