للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنذئذ يصبح في الإمكان أن نحدد الثقافة باعتبارها نتاجاً للبيئة. فنحن مدعوون إلى صياغة هذا التعريف في الحدود التي نلاحظ ضمنها في البلدان النامية، أن الثقافة باعتبارها مصدراً لوجوه السلوك، ليست مقصورة على صنف اجتماعي معيّن، ولكنها جميع الطبقات الاجتماعية.

فالبيئة تُعدّ إذن بمثابة الرَّحِم بالنسبة إلى القيم الثقافية. الأمر الذي يمكننا ضمن تعريف إجمالي أوَّليّ، من أن نعتبر الثقافة نفسها كبيئة مكونة من الألوان، والأصوات، والأشكال، والحركات، والأشياء المأنوسة، والمناظر، والصور، والأفكار المتفشيّة في كل اتجاه (١).

فهي بيئة تمارس مفعولها على الراعي وعلى العالم سواء. وهي الوسط الذي يتشكل داخله الكيان النفسي للفرد، بالصورة نفسها التي يتم بها تشكل كيانه العضوي داخل المجال الجويّ الحيويّ الذي ينتظمه.

فنحن لا نتلقى الثقافة، وإنما نتنفسها ونتمثلها بالطريقة نفسها التي يتم بمقتضاها تنفسنا وتمثّلنا لأكسجين الهواء.


(١) أ - مالينوفكسي في (النظرية العلمية للثقافة) قد عرفها بأنها ((سيطرة الوسط على أعضاء المجتمع)).
ب - نيتشه رآها ((وحدة الأسلوب في سائر المظاهر الحيوية لشعب)) ( IN (( تحديدات في غير زمانها))).
جـ - إن ما ينشئ ثقافة ( Kultur) عند جوت إنما هو ((تلك العادات المشتركة في الذوق والأفكار بين الفرد والوسط الذي يعيش فيه، هذه هي طرق العيش بالتفكير الجماعي التي يتشكل منها شعب طوال احتكاكه المديد بالطبيعة)).
( Cite in: «Civilisation P le mot et I'idée» publié en ١٩٣٠ par le CIS)
في المعنى نفسه كونفوشيوس وضع كل ذلك في (( Li)) هذه القيم التي هي في حياة أمة ((تخلق حالة روح ملائمة، مشاركة جادة، ثقة، شروطاً لوجود متناسق في حياة أمة)). [ط. ف].

<<  <   >  >>