أوروبا الغربية وفي أمريكا؛ وجبهة الاشتراكية التي يقع مركزُ جاذبيتها بالمعسكر الشرقي؛ وأخيراً جبهة السلام التي جمعت أركانها ذات مرَّة في باندونغ ( Bandoeng).
وتحت هذا المظهر العام بالذات توضع مشكلة المفهومية في العالم، مع تلك المناطق البيضاء المنبثَّة هنا وهناك للبلدان التي توجد في حالة تقاعد بالنسبة إلى المعركة المفاهيمية، أعني البلدان المتغيبة فعلاً عن المأساة البشرية الكبرى لعصرنا.
وعلاوة على ذلك فإن مشكلة المفهومية تثار على المستوى الوطني داخل كل بلاد فرضت فيها شروطها الخامة ضمن طور معين من أطوار تاريخها، أنماطاً من العمل الجماعي، أعني حيث يطرد تأثير الشروط الفنية لنشاط مشترك على مساحة جغرافية فسيحة بما فيه الكفاية، ومخطَّطة في قليل أو كثير. ودراسة هذا النشاط ترجع بنا على أيِّ وجه إلى دراسة المقومات التي يقوم عليها تركيبه.
فالنشاط الفردي الذي يمثل أحد مركبات ذلك النشاط الجماعي خاضع في حدِّ ذاته لشروط تجعله لا يستطيع التحقُّق بدونها.
فقد تعودنا بالنسبة إلى الآلة على الواقع القائم في أن عملها لا يمكنه أن يتحقق إذا نقصتها حَزْقة أو صامولة ( écrou).
ولكننا لم نُقِرَّ في ذهننا نفسَ القاعدة بالنسبة إلى العمل البشريِّ. بينما يبدو جيداً في حالات معينة، أن الإنسان تنقصه هذه (الحزقة) بالذات: حيثما فَقَد نشاطُه تَمكُّنَه من الأشياء، فكان نشاطاً رخْواً، أو هو لا يندمج بطريقة منتظمة مع النشاط المشترك للجماهير. ويمكننا أن نقول الكثير عن هذه الظاهرة التي تنطبع مؤثِّراتُها على أبعد الصور عن التوقع، وعلى أكثر الميادين تنوُّعاً؛ في موقف التلميذ مثلاً، حينما يتخلَّى عن دراسته في منتصف الطريق، وفي موقف الكاتب (الوجودي) الباحث عن معناه في هذا العالم، أو الذي يتخلى عن هذا