١٧٠٤ - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ «فِي الرَّجُلِ التَّاجِرِ يَبِيعُ الْعُرُوضَ بِالْعُرُوضِ , لَا يَبِيعُ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَيْنِ , أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ عُرُوضِهِ وَلَا قِيمَةَ» قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُدِيرُ مَالَهُ لِلتِّجَارَةِ , حَتَّى يَبِيعَ بِعَيْنٍ , أَوْ بِعَيْنٍ وَعُرُوضٍ , فَإِنَّ ذَلِكَ يُقَوَّمُ عُرُوضُهُ , إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُدِيرُ مَالَهُ لِلتِّجَارَةِ , وَيُحْصِي الْعَيْنَ , وَيُخْرِجُ زَكَاةَ ذَلِكَ كُلِّهِ , فَأَمَّا إِذَا بَاعَ الْعُرُوضَ بِالْعُرُوضِ فَإِنَّمَا هُوَ كَهَيْئَةِ رَجُلٍ أَقَرَّ عُرُوضَهُ سَنَةً أَوْ سِنِينًا , فَهَذَا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا قِيمَةَ حَتَّى يَبِيعَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
١٧٠٥ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْفِقْهِ: أَنْ لَا زَكَاةَ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ , وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِيهَا مِنْ أَوْجَبَهَا بِالتَّقْوِيمِ , قَالَ: وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَالٍ الزَّكَاةُ فِي نَفْسِهِ , وَالْقِيمَةُ سِوَى الْمَتَاعِ , فَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْهُ لِهَذَا الْمَعْنَى ⦗٩٤٨⦘ وَهَذَا عِنْدَنَا خَطَأٌ فِي التَّأْوِيلِ؛ لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا السُّنَّةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ , أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ الْحَقُّ فِي الْمَالِ , ثُمَّ يُحَوَّلُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّا يَكُونُ عَطَاؤُهُ أَيْسَرَ عَلَى مُعْطِيهِ مِنَ الْأَصْلِ وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ فِي الْجِزْيَةِ: «أَنَّ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ» , فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُرُوضَ مَكَانَ الْعَيْنِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ: " أَنَّ عَلَيْهِمْ أَلْفَيْ حُلَّةٍ فِي كُلِّ عَامٍ , أَوْ عَدْلُهَا مِنَ الْأَوْرَاقِ , فَأَخَذَ الْعَيْنَ مَكَانَ الْعَرَضِ وَكَانَ عُمَرُ يَأْخُذُ الْإِبِلَ مِنَ الْجِزْيَةِ , وَإِنَّمَا أَصْلُهَا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ وَأَخَذَ عَلِيٌّ الْإِبِرَ وَالْمَسَالَ وَالْحِبَالَ مِنَ الْجِزْيَةِ وَقَدْ رَوَى مُعَاذٌ فِي الصَّدَقَةِ نَفْسِهَا , أَنَّهُ أَخَذَ مَكَانَهَا الْعُرُوضَ , وَذَلِكَ قَوْلُهُ: «ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذُهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الصَّدَقَةِ , فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ» وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي ⦗٩٤٩⦘ طَوْقًا فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا , قَالَ: أَدِّي عَنْهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
١٧٠٦ - قَالَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَكُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أُخِذَتْ فِيهَا حُقُوقٌ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ تِلْكَ الْحُقُوقُ، فَلَمْ يَدْعُهُمْ ذَلِكَ إِلَى إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ , لَا يُزِيلُهُ شَيْءٌ وَلَكِنَّهُمْ قَدَرُوا ذَلِكَ الْمَالَ بِغَيْرِهِ , إِذَا كَانَ أَيْسَرَ عَلَى مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ أَمْوَالُ التِّجَارَةِ , إِنَّمَا كَانَ الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تُؤْخَذَ الزَّكَاةُ مِنْهَا أَنْفَسِهَا , فَكَانَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَرَرٌ مِنَ الْقَطْعِ وَالتَّبْعِيضِ فَكَذَلِكَ تَرَخَصُوا فِي الْقِيمَةِ , وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي تِجَارَتِهِ , فَقَوَّمَ مَتَاعَهُ فَبَلَغَتْ زَكَاتُهُ بِقِيمَةِ ثَوْبٍ نَامٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مَمْلُوكٍ , فَأَخْرَجَهُ بِعَيْنِهِ , فَجَعَلَهُ زَكَاةَ مَالِهِ , كَانَ عِنْدَنَا مُحْسِنًا مُؤَدِّيًا لِلزَّكَاةِ , وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ قِيمَةً مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، فَعَلَى هَذَا أَمْوَالُ التِّجَارَةِ عِنْدَنَا، وَعَلَيْهِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ وَاجِبٌ فِيهَا وَأَمَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ , فَلَيْسَ مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَنَا , وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ وَغَيْرِهَا , إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ ⦗٩٥٠⦘، وَسَقَطَ عَنْهَا إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ وَالْعُرُوضَ إِنَّمَا عُفِيَ عَنْهَا فِي السُّنَّةِ إِذَا كَانَتْ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا، وَلِهَذَا أَسْقَطَ الْمُسْلِمُونَ الزَّكَاةَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْعَوَامِلِ , فَأَمَّا أَمْوَالُ التِّجَارَةِ فَإِنَّمَا هِيَ لِلنَّمَاءِ وَطَلَبِ الْفَضْلِ , فَهِيَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تُشْبِهُ سَائِمَةَ الْمَوَاشِي الَّتِي يُطْلَبُ نَسْلُهَا وَزِيَادَتُهَا , فَوَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ لِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُزَكَّى عَلَى سُنَّتِهَا؟ فَزَكَاةُ التِّجَارَاتِ عَلَى الْقِيَمِ , وَزَكَاةُ الْمَوَاشِي عَلَى الْفَرَائِضِ , فَاجْتَمَعَا جَمِيعًا فِي الْأَصْلِ عَلَى وجُوبِ الزَّكَاةِ , ثُمَّ رَجَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي الْفَرْعِ إِلَى سُنَّتِهَا فَهَذَا مَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَاتِ إِذَا كَانَتْ أَعْيَانُهَا حَاضِرَةً عِنْدَ أَهْلِهَا , فَإِذَا كَانَ مَعَ هَذَا دُيُونٌ , فَإِنَّ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ إِذَا كَانَ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ تِجَارَةٍ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الْفُتْيَا , تَكَلَّمَ بِهَا السَّلَفُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا: فَأَحَدُهَا: أَنْ يُعَجِّلَ زَكَاةَ الدَّيْنِ مَعَ الْمَالِ الْحَاضِرِ , إِذَا كَانَ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ، وَالثَّانِي: أَنْ يُؤَخِّرَ زَكَاتَهُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَرجُوٍّ حَتَّى يَقْبِضَ , ثُمَّ يُزَكِّي بَعْدَ الْقَبْضِ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يُزَكِّيَ إِذَا قَبَضَ , وَإِنْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِنُونَ إِلَّا زَكَاةً وَاحِدَةً وَالرَّابِعُ: أَنْ تَجِبَ زَكَاتُهُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ , وَتَسْقُطُ عَنْ رَبِّهِ الْمَالِكِ لَهُ ⦗٩٥١⦘ وَالْخَامِسُ: إِسْقَاطُ الزَّكَاةِ عَنْهُ اَلْبَتَّةَ , فَلَا تَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا , وَإِنْ كَانَ عَلَى ثِقَةٍ مَلِيءٍ