للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما زعمه أن العلة انتفت برسوخ الإيمان في نفوس المؤمنين الخ. فهو زعم باطل أيضا وبيانه من وجوه:

الأول: أن الزعم بني على أصل باطل وهو أن الإيمان بأنه الله هو المنفرد بالخلق والإيجاد كاف في تحقيق الإيمان المنجي عند الله تبارك وتعالى وليس كذلك فإن هذا التوحيد وهو المعروف عند العلماء بتوحيد الربوبية كان يؤمن به المشركون الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى:} ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله { (٨٢) ومع ذلك فلم ينفعهم هذا التوحيد شيئا لأنهم كفروا بتوحيد الألوهية والعبادة وأنكروه على النبي صلى الله عليه وسلم أشد الإنكار بقولهم فيما حكاه الله عنهم} أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب { (٨٣) . ومن مقتضيات هذا التوحيد الذي أنكروه ترك الاستغاثة بغير الله وترك الدعاء والذبح لغير الله وغير ذلك مما خاص بالله تعالى من العبادات فمن جعل شيئا من ذلك لغير الله تبارك وتعالى فقد أشرك به وجعل له ندا وإن شهد له بتوحيد الربوبية فالإيمان المنجي إنما هو الجمع بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وإفراد الله بذلك وهذا مفصل في غير هذا الموضوع

فإذا تبين هذا نعلم أن الإيمان الصحيح غير راسخ في نفوس كثير من المؤمنين بتوحيد الربوبية ولا أريد أن أبعد بالقارئ الكريم في ضرب الأمثلة فحسبي هنا أن أنقل ما ذكره المؤلف الذي نحن في صدد الرد عليه فإنه قال بعد أسطر من كلامه السابق (ص ٢١٢٢) :

ونراهم (يعني العامة) يحلفون بالأولياء وينطقون في حقهم بما ظاهره الكفر الصراح بل هو الكفر حقيقة بلا ريب ولا شك. . . فكثير من جهلة العوام بالمغرب ينطق بما هو كفر صراح في حق مولانا عبد القادر الجيلاني رضي الله عن هـ. . . فإن عندنا بالمغرب من يقول عن القطب الأكبر مولانا عبد السلام ابن مشيش رضي الله عن هـ أنه الذي خلق الدين والدنيا ومنهم من قال والمطر نازل بشدة: يا مولانا عبد السلام الطف بعبادك فهذا كفر


(٨٢) - سورة لقمان الآية ٢٥
(٨٣) - سورة ص الآية ٥

<<  <   >  >>